وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ (٢٣)
____________________________________
بهم ، فلذا تركهم مغلقي القلوب ، وهذا كما تقول : «لو علمت في هذه الأرض قابلية للزرع لحرثتها» ، حيث إنها لا تصبح قابلة للزراعة حتى بالحرث. وهكذا قلب الإنسان القابل وقلب الإنسان غير القابل ، فإن أغشية الكفر قد شملتهما ، لكن الله سبحانه يزيل الغشاء عن قلب القابل حيث يعرف فيه الخير ، ولا يزيله عن قلب غير القابل حيث يعرف فيه عدم الخير.
وبهذا تحقق أنه لا مجال للإشكال بأنه إن أريد من «الإسماع» المعنى الظاهري ، فقد أسمع الله سبحانه كل برّ وفاجر ؛ فلا يناسبه التعليق على «لو» الامتناعية ، وإن أريد منه تطهير القلوب تكوينا فإن الله لو فعل ذلك لكان فيه من الخير ؛ فلا يناسبه ما يفهم من الآية من عدم إمكان الخير.
وحاصل الجواب : أن هناك ثلاث مراتب : الإسماع الظاهري ، وإزالة الأغشية ، وطهارة القلوب ذاتا. فإزالة الأغشية خاصة بالمؤمن ، بينما الإسماع عام لكل واحد ، فالمعنى : لو علم الله الطهارة الذاتية في قلوبهم لأزال الأغشية المظلمة عنها ، علاوة على الإسماع ، ولكن علم أن ذلك لا ينجح ، فإن قلوبهم كالأرض السبخة التي لا ينفع معها الحرث ، فلذا تركهم وشأنهم.
(وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ) بهذا النحو من الإسماع بإزالة الأغشية (لَتَوَلَّوْا) أي أعرضوا ، لأن قلوبهم سبخة لا ينفعها حتى إزالة الأغشية (وَهُمْ مُعْرِضُونَ) عن الحق.
وربما أورد بأنه : كيف يمكن ذلك ، والحال أن لازم هذا النحو