لا يَسْمَعُونَ (٢١) إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لا يَعْقِلُونَ (٢٢) وَلَوْ عَلِمَ اللهُ فِيهِمْ خَيْراً لَأَسْمَعَهُمْ
____________________________________
لا يَسْمَعُونَ) حقيقة ، إذ لو سمعوا ووعوا لعلموا ، فعدم علمهم دليل على عدم سماعهم سماع متعظ واع ، فإنه يقال للعالم التارك لعلمه : «إنه غير عالم» ، كما يقال لمن سمع قول الرشد ، فسلك سبيل الغي : «أنه لم يسمع».
[٢٣] وإذ أمر الله سبحانه المؤمنين بالسماع النافع المقترن بالعمل حذّرهم أن يكونوا كالدابة التي لا تسمع إلّا نداء من غير أن تعقل وتعمل حسب ما سمعت ، ولا تنطق بالخير والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر (إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللهِ) الكفار ، إنهم أشر من الدابة ، حيث إن الدابة لا تعقل ، وهؤلاء يعقلون ثم يعرضون (الصُّمُّ الْبُكْمُ) «صمّ» جمع «أصم» : وهو الذي لا يسمع ، و «بكم» جمع «أبكم» : وهو الذي لا يتكلم (الَّذِينَ لا يَعْقِلُونَ) عقلا مثمرا ، وإلا فهم عقلاء ، فإن هؤلاء شر ما دبّ على وجه الأرض من الحيوان حيث لم ينتفعوا بما سمعوا من الحق ، ولم يتكلموا به.
روي عن الإمام الباقر عليهالسلام : «إنها نزلت في بني عبد الدار ، لم يكن أسلم منهم غير مصعب بن عمير وحليف لهم يقال له : سويبط» (١).
[٢٤] (وَلَوْ عَلِمَ اللهُ فِيهِمْ خَيْراً) قبولا للحق وإذعانا به وإنصافا في الأمر (لَأَسْمَعَهُمْ) إسماعا نافعا ، ولكنه علم أن ليس فيهم خير ، ولا رجاء
__________________
(١) بحار الأنوار : ج ٩ ص ٩٦.