إِنَّ اللّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (١٧) ذَلِكُمْ وَأَنَّ اللّهَ مُوهِنُ كَيْدِ الْكَافِرِينَ (١٨) إِن تَسْتَفْتِحُواْ فَقَدْ جَاءكُمُ الْفَتْحُ
____________________________________
فـ «الواو» على هذا استئنافية متعلقة بفعل مقدّر ، كما قدّرناه ، أو المراد : ليمتحن المؤمنين امتحانا حسنا ، فإن البلاء يأتي بمعنى النعمة كما يأتي بمعنى الاختبار ، وإنما يقال للنعمة : بلاء ، لأن أصل البلاء ما يظهر به الأمر من الشكر والصبر ، فالنعمة بلاء لأنها تظهر الشكر ، والمصيبة بلاء لأنها تظهر الصبر (إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ) لأقوالكم (عَلِيمٌ) بضمائركم ونياتكم. وفي الحرب تظهر أقوال ، وتجول في الصدر نيات ، فمن الأحرى أن يحفظ الإنسان قلبه ولسانه لئلّا ينحرفان عن نهج الصواب بمحضر من يسمع ويعلم كل شيء.
[١٩] الأمر (ذلِكُمْ) أي أن الأمر كما ذكرنا من القصة ، وهذا كما أن من يذكر قصة يقول بعدها : «هكذا» وهذا شبه تأكيد للكلام السابق ، ف «ذلك» إشارة و «كم» للخطاب ، أي : أخاطبكم أيها المؤمنون أن الأمر كذلك (وَأَنَّ اللهَ مُوهِنُ كَيْدِ الْكافِرِينَ) هذا عطف على «ذلكم» أي أن الغرض كان بلاء المؤمنين ووهن كيد الكافرين. هذا بناء على رجوع «ذلكم» إلى البلاء المستفاد من قوله : «ليبلي المؤمنين» ، وإلّا كان «وأن الله» استئنافية.
[٢٠] وحيث بيّن سبحانه أن الله يوهن كيد الكافرين خاطب الكفار بقوله : (إِنْ تَسْتَفْتِحُوا) أيها الكفار (فَقَدْ جاءَكُمُ الْفَتْحُ) وهذا تهكّم ، فإن أبا سفيان دعا قبل الواقعة بقوله : «اللهم أهلك أضل الفريقين وأقطعهما للرحم» ، فقد استجاب الله دعاءه وأهلك أضل الفريقين وأقطعهما للرحم. والمراد ب «الاستفتاح» طلب الفتح ، كأن