وَلِيُبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلاءً حَسَناً
____________________________________
وذكر جمع من المفسرين : أن المراد بذلك ، رمي الكفار بالتراب ، فإن جبرئيل عليهالسلام قال للنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم يوم بدر : خذ قبضة من تراب فارمهم بها. فقال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم لما التقى الجمعان لعلي عليهالسلام : أعطني قبضة من حصى الوادي. فناوله كفا من حصى عليه تراب فرمى به في وجوه القوم وقال : شاهت الوجوه ، فلم يبق مشرك إلّا دخل في عينه وفمه ومنخريه منه شيء وتبعهم المؤمنون يقتلونهم ويأسرونهم وكانت تلك الرمية سبب هزيمة القوم ، ولما أن اصطف القوم برز عتبة وشيبة والوليد للقتال وطلبوا المبارز فخرج إليهم بعض المسلمين فلم يرضوا بهم لما جرت العادة من عدم احتشام القرن إلّا بقرنه حتى برز إليهم عليّ عليهالسلام وحمزة وعبيدة ، ودارت المعركة بنصرة هؤلاء ، وقتل أولئك ، وهنا حمي الوطيس واستعرت الحرب ولم تنكشف إلّا بهزيمة الكفار وقتل جماعة كبيرة منهم ، وأخذ المسلمون يأسرونهم والملائكة تعينهم في الأسر كما أعانتهم في القتل. فكان المسلم يشير بسيفه أو رمحه ولما يصل إلى الكافر فإذا به يخر قتيلا تقتله الملائكة ، وكذلك الأسر. حتى أن العباس أسره أبو اليسر وكان العباس جسيما وأبو اليسر نحيفا ، فقال له الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم : كيف أسرت العباس يا أبا اليسر؟ فقال : يا رسول الله لقد أعانني عليه رجل ما رأيته قبل ذلك ولا بعده. فقال الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم : لقد أعانك عليه ملك كريم (١). وكل هذه كانت للبشرى وإنما النصر كان من عند الله.
(وَ) قد فعل الله سبحانه ما فعل (لِيُبْلِيَ) أي لينعم على (الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ) أي من عنده سبحانه (بَلاءً حَسَناً) أي نعمة جسيمة ،
__________________
(١) بحار الأنوار : ج ١٩ ص ٢٢٧.