يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفاً فَلا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبارَ (١٥) وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلاَّ مُتَحَرِّفاً لِقِتالٍ أَوْ مُتَحَيِّزاً إِلى فِئَةٍ
____________________________________
يقال : «ذق الذل» ، وبالنسبة إلى الألم الجسمي ، كما يقال : «ذق السوط» ، قال سبحانه : (فَأَذاقَهَا اللهُ لِباسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ) (١) ، وقال : (ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ) (٢).
[١٦] (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) الخطاب عام لكل مؤمن ، وإن كان نزول الآية بمناسبة قصة بدر (إِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا) من اللقاء في الحرب (زَحْفاً) «حال» أي حال كونهم وإياكم زاحفين متدانين للقتال ، فإن الزحف بمعنى الدنو (فَلا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبارَ) أي لا تنهزموا بأن تجعلوا ظهوركم إليهم ، فإن الإنسان لا يجعل ظهره إلى ساحة القتال إلّا إذا أراد الفرار.
[١٧] (وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ) أي من يجعل ظهره إليهم يوم القتال ، وإنما قال «يومئذ» لأنه فهم من قوله : (إِذا لَقِيتُمُ إِلَّا) إذا كان (مُتَحَرِّفاً لِقِتالٍ) أي تاركا موقفه إلى موقف آخر أصلح للقتال من موقفه الأول ، و «التحرّف» الزوال عن جهة الاستواء إلى جهة الحرف بمعنى الطرف ، واللفظ ، حال ، أي : في حال كونه قاصدا الطرف حتى يكون أمكن في الحرب (أَوْ مُتَحَيِّزاً إِلى فِئَةٍ) طلب حيزا غير حيزه السابق ، أي مكان جديد ، يقال : «فلان متحيز إلى فلان» أي
__________________
(١) النحل : ١١٣.
(٢) الدخان : ٥٠.