إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعاسَ أَمَنَةً مِنْهُ وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّماءِ ماءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ وَيُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّيْطانِ وَلِيَرْبِطَ عَلى قُلُوبِكُمْ
____________________________________
وإلّا فالنصر من الله بأسبابه الظاهرية التي قررها هو سبحانه ، كما قال تعالى : (وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ) (١).
[١٢] ولما أمسى القوم المساء قبل الواقعة أخذ أصحاب الرسول النوم ، من كثرة التعب وقد كان إلقاء الله النوم عليهم ليذهب خوفهم ، ويتقووا على القتال غدا ، فإن من استراح ونام لم يقلق كما يقلق الساهر ، كما أن أعصابه تهدأ ، وقواه تكثر فيتمكن مما لا يتمكن عليه الساهر ، واحتلم كثير من المسلمين تلك الليلة ، وكان موضع نزولهم كثير الرمل ، مما سبب صعوبة الحركة ، فوسوس إليهم الشيطان قائلا : كيف أنتم على حق ، وقد أصابتكم الجنابة ، ومحلّكم غير صالح ، ولا ماء عندكم ، بينما المشركون على الماء ، فأنزل الله المطر ، حتى لبد الأرض ، واغتسلوا ، وارتووا. فاذكروا أيها المسلمون (إِذْ يُغَشِّيكُمُ) أي يستولي عليكم (النُّعاسَ) أي النوم (أَمَنَةً) أي أمانا (مِنْهُ) سبحانه ، فإنه لم يفعل ذلك إلّا لأجل أمنكم وراحتكم وإزالة الخوف عنكم ، و «الأمنة» الدعة التي تنافي المخافة (وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّماءِ ماءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ) من حدث الجنابة (وَيُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّيْطانِ) أي وسوسته فإنه كان يوسوس في قلوبهم : كيف يكونون على حق ، وهم نجسون ، ومحلهم رمل ، وهم ظماء (وَلِيَرْبِطَ عَلى قُلُوبِكُمْ) أي ليشد
__________________
(١) الأنفال : ٦١.