وَما جَعَلَهُ اللهُ إِلاَّ بُشْرى وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِنْدِ اللهِ إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (١٠)
____________________________________
فالجواب : إن الألف كانوا مقاتلين ، والبقية للبشارة وتقوية القلوب ، كما يقال : إن العاملين في المدينة عشرة ، فإذا قيل : إنهم أكثر؟ أجيب بأن المائة مثلا إنما هي من حيث العدد والحركة والعمل للعشرة. وفي الحديث : إن الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم لما نظر إلى كثرة عدد المشركين وقلة عدد المسلمين استقبل القبلة وقال : «اللهم أنجز لي ما وعدتني ، اللهم إن تهلك هذه العصابة لا تعبد في الأرض» (١). فما زال يهتف بربه مادّا يديه حتى سقط رداؤه عن منكبه ، فأنزل الله الملائكة ، وقد قاتلت الملائكة وأسرت بعض المشركين.
[١١] ثم يذكر سبحانه أن إنزال الملائكة إنما كان لأجل تقوية قلوب المسلمين ، وإلّا فنصر الله سبحانه لا يحتاج إلى مدد ملك أو غيره (وَما جَعَلَهُ اللهُ) أي ما جعل الله الإمداد بالملائكة (إِلَّا بُشْرى) أي بشارة لكم بالنصر ، فإن الإنسان يستبشر بكثرة الأعوان وإن كان علم أنهم للسواد والكثرة فقط (وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ) أي بالإمداد (قُلُوبُكُمْ) فيزول الخوف والوسوسة عنها (وَ) إلّا في الحقيقة والواقع (مَا النَّصْرُ) أي ليس النصر (إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللهِ) ولا تأثير للإمداد والإعداد وإنما هي روابط ووسائط إلّا من عند الله (إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ) غالب بسلطانه (حَكِيمٌ) فيما يفعل ، وهذا لا يدل على عدم تهيئة الأسباب ، بل يدل على لزوم تهيئتها ، فإن الملائكة وقوى ما وراء الطبيعة بشائر ،
__________________
(١) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد : ج ٣ ص ٢٥٩.