ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ (٥٥) وَلا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِها
____________________________________
[٥٦] (ادْعُوا رَبَّكُمْ) أيها البشر (تَضَرُّعاً) أي تخشّعا ، فإن التضرع هو التذلل والتخشّع ، وهو في موضع الحال ، أي في حال كونكم متضرعين (وَخُفْيَةً) أي في حال الاختفاء ، فإن الضراعة المخفية أقرب إلى تركيز التوحيد في النفس. ولا يخفي أن هذا في مورد ، وفي مورد آخر يستحب الإجهار.
فقد نزل جبرئيل على الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم في حال الحج قائلا : «إن ربك يأمرك بالعج والثج» (١) و «العج» من العجيج. كما أن في الروايات استحباب الإجهار بالصلوات على محمد وآله الطاهرين فإنه موجب لذهاب النفاق ، وكأن الجهر والإخفات في الدعاء ، كالإعلان والإسرار بالصدقة ، الذي لكل واحد منهما مورد. وقد روى علي بن إبراهيم أن المراد بالتضرع : العلانية ، أي : «ادعوه علانية وسرا» (٢).
(إِنَّهُ) سبحانه (لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ) الذين يتجاوزون الحد ، إنه سبحانه يحب الخشوع والانكسار ، لا التجاوز والاعتداء.
[٥٧] وبمناسبة كراهيته سبحانه للاعتداء يقول تعالى : (وَلا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِها) فإن الأنبياء والأئمة أصلحوا الأرض بمنهاج السماء ، وجعل كل شيء في موضعه ، فالتجاوز عن ذلك إفساد في الأرض وشقاء للبشر. قال الباقر عليهالسلام : «إن الأرض كانت فاسدة فأصلحها الله بنبيه» (٣).
__________________
(١) راجع معاني الأخبار : ص ٢٢٤.
(٢) نقلا عن مجمع البيان : ج ٤ ص ٢٧١.
(٣) الكافي : ج ٨ ص ٥٨.