وَلا تَقْرَبُوا مالَ الْيَتِيمِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزانَ بِالْقِسْطِ لا نُكَلِّفُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَها
____________________________________
[١٥٣] (وَلا تَقْرَبُوا مالَ الْيَتِيمِ) وهو من فقد الأب والجد ، أو الأعم منه ومن فقد الأم ، وكلمة «لا تقربوا» للمبالغة في الاجتناب ، وتخصيص اليتيم بالذكر ، مع عدم جواز التصرف في مال كل أحد بدون رضاه ، لأجل أن اليتيم لا يقدر على الدفاع عن نفسه (إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) أي بالطريقة التي هي أحسن من سائر الطرق ، بأن يحفظ له ماله إلا بمقدار ضروري لمعاش اليتيم حيث ينفق عليه (حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ) «الأشد» : جمع «شد» نحو : أضر ، جمع : ضر ، والشد : القوة ، وهو استحكام قوة الشباب ، أي حتى يبلغ إلى قوة شبابه ، وهو إنما يحصل بالبلوغ والرشد ، والبلوغ في الولد كمال خمس عشرة سنة ، أو الإنبات ، أو الاحتلام ، وفي البنت غالبا كمال التسعة والدخول في العاشرة (وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزانَ) فلا تنقصوا الكيل والميزان عند البيع ، ولا تزيدوهما عند الشراء (بِالْقِسْطِ) أي بالعدل ، فلا إفراط ولا تفريط.
(لا نُكَلِّفُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها) أي بالمقدار الذي يسعها ، ولا يوجب ضيقا وحرجا عليها ، فهذه التكاليف السابقة ، لا حرج فيها على النفس ، أو المراد أن الوفاء بالكيل والوزن حسب المتعارف ، لا الدقة العقلية حتى يوجب عسرا وحرجا.
ولا يقال : فكيف كلّف الإنسان بالجهاد؟
لأنا نقول : إن الجهاد خارج عن هذا العموم ، فإنه لإرساء قواعد