فَمَنْ يُرِدِ اللهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً كَأَنَّما يَصَّعَّدُ فِي السَّماءِ كَذلِكَ يَجْعَلُ اللهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ (١٢٥)
____________________________________
[١٢٦] إن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم إذا جاء بالإسلام ، فمن حكّم عقله وآمن كان له من الله اللطف الخفي وشرح الصدر ، ومن أعرض وبقي على كفره أعرض سبحانه عنه وخلّى بينه وبين ما يفعل الشيطان به من تضييق الصدر (فَمَنْ يُرِدِ اللهُ أَنْ يَهْدِيَهُ) إلى الإيمان (يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ) «الشرح» هو : التوسعة ، وهذا من باب التشبيه ، فكما أن الشيء الواسع له مجال أن ينفذ فيه شيء ، كذلك القلب المنشرح له محل أن ينفذ فيه الإسلام (وَمَنْ يُرِدْ) الله (أَنْ يُضِلَّهُ) لأنه ترك الإيمان وعاند ، فاقتضت المشيئة أن يخلى بينه وبين الضلال حتى تكون عاقبة أمره خسرا ، ويذوق وبال إعراضه (يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً) لا ينفذ فيه الإسلام (حَرَجاً) هو أضيق الضيق ـ كما قالوا ـ (كَأَنَّما يَصَّعَّدُ فِي السَّماءِ) فإن الإنسان إذا جرّ إلى السماء جرّا ، أحس بضيق شديد في صدره ، من جهة أن الهواء كلما لطف ، كان التنفس فيه أصعب ، ومعنى «في السماء» الولوج في طبقات السماء ، ليعطي معنى الشدة أكثر من «إلى» وكذاك التشديد في «يصّعّد». (كَذلِكَ) أي كما ذكر من تضييق الصدر (يَجْعَلُ اللهُ الرِّجْسَ) وهو العذاب ، والصعوبة ، أو المراد به المعنى الظاهري له ، فإن للكفر رجسا (عَلَى الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ) فالعقوبة لمن لا يؤمن أن يجعل صدره ضيقا حرجا ، فليس ذلك ابتداء منه سبحانه ، كما قد يزعم الناظر في أول الآية ، وهذا