إِنَّ اللهَ فالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوى يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَمُخْرِجُ الْمَيِّتِ مِنَ الْحَيِّ ذلِكُمُ اللهُ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ (٩٥) فالِقُ الْإِصْباحِ وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَناً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْباناً ذلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (٩٦)
____________________________________
بل (إِنَّ اللهَ) وحده (فالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوى) أي يشق الحب اليابس الميت ويخرج منه النبات ويشق نواة التمر فيخرج منها النخل (يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ) فالنبات حي يخرجه من الحبة التي لا حياة فيها ، والفرخ حيّ يخرجه من البيض الميت ، والولد الحيّ يخرجه من الأم الميتة ، والبعوض وأشباهه يخرجه من الماء الميت ، وهكذا (وَمُخْرِجُ الْمَيِّتِ مِنَ الْحَيِ) كالحبة من النبات ، والبيض من الدجاج ، والجنين الميت من الأم الحية ، والفضلات الميتة من الحيّ ، وكأن التغيّر في العبارة «يخرج» و «مخرج» للتفنّن في العبارة الذي هو نوع من أنواع البلاغة (ذلِكُمُ اللهُ) أي ذلك الذي يفعل كل ذلك ـ أيها البشر ـ هو الله وحده (فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ) أي تصرفون عن الحق إلى الباطل.
[٩٧] (فالِقُ الْإِصْباحِ) أي يشق عمود الصبح عن ظلمة الليل ، ويخرج الضياء من الظلمة (وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَناً) تسكنون فيه وتهدؤون عن العمل إذا أظلم (وَ) جعل (الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْباناً) تجريان في أفلاكهما بحساب دقيق ، و «حسبان» مصدر ، وكونهما حسبانا أي مصدري حساب وتوقيت ، نحو : «زيد عدل» ، مما حمل المصدر على الذات مبالغة ، فمن الشمس تتولد الأيام ، ومن القمر تتولد الشهور والأعوام (ذلِكَ) المذكور من فلق الإصباح وجعل الليل سكنا والشمس والقمر حسبانا (تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ) في سلطانه (الْعَلِيمِ)