وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْواءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ ما أَنْزَلَ اللهُ إِلَيْكَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّما يُرِيدُ اللهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ
____________________________________
لأنهم حكّموه صلىاللهعليهوآلهوسلم في قصتين قصة الزنا وقصة القتل (وَأَنِ احْكُمْ) عطف على قوله في الآية السابقة «فاحكم» أو عطف على «الكتاب» أي أنزلنا إليك الكتاب وأنزلنا إليك «أن احكم» (بَيْنَهُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْواءَهُمْ) وما يشتهون من خلاف الحكم (وَاحْذَرْهُمْ) يا رسول الله ، أي احذر اليهود (أَنْ يَفْتِنُوكَ) أي يضلوك (عَنْ بَعْضِ ما أَنْزَلَ اللهُ إِلَيْكَ) بأن تفتي بغير ما أنزل الله. فقد ورد أن اليهود عرضوا على الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم أن يؤمنوا له إذا تصالح معهم على التسامح في أحكام خاصة ، منها حكم الرجم في الزاني المحصن ، وهذا التحذير للرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم ليس معناه أنه كان يعمل على الخلاف ، وإنما هو لبيان الحكم ، كما يخاطب بقوله تعالى : (أَقِمِ الصَّلاةَ) (١) ، ونحوه (فَإِنْ تَوَلَّوْا) أي أعرضوا عن الحق ولم يقبلوا قولك وحكمك (فَاعْلَمْ) يا رسول الله (أَنَّما يُرِيدُ اللهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ) فإن التمرد على الله ورسوله يوجب نكال الله سبحانه ، وتمردهم عن حكمك موجب لأن يسخط الله عليهم فيأخذهم ببعض ما سلف من ذنوبهم ، أو نفس التمرد نكال سببه بعض ذنوبهم السابقة.
روي أن رجلا قال للإمام أمير المؤمنين عليهالسلام : إني حرمت صلاة الليل؟ قال الإمام : «أنت رجل قيدتك ذنوبك» (٢).
__________________
(١) هود : ١١٥.
(٢) عوالي اللآلي : ج ٢ ص ٥١.