لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَكَفى بِاللهِ وَكِيلاً (١٧١) لَنْ يَسْتَنْكِفَ الْمَسِيحُ أَنْ يَكُونَ عَبْداً لِلَّهِ وَلا الْمَلائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ وَمَنْ يَسْتَنْكِفْ عَنْ عِبادَتِهِ وَيَسْتَكْبِرْ
____________________________________
الناس ـ إذا أراد تشريفهم ـ : «فلان ولدي» فإن ذلك لا يجوز بالنسبة إلى الله سبحانه إذ شؤونه كلها توقيفية ، فقد أذن أن يقال : «فلان خليله» ولم يأذن أن يقال : «ابنه أو ولده». والمراد بالآية هو المعنى الأول.
(لَهُ) أي الله تعالى (ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ) ومن يكون كل شيء ملكه ، لا يمكن أن يكون شيء ولدا له ، إذ الولد من جنس الوالد ، وهو جسم فعل لله فليس له نظير ولا شبيه (وَكَفى بِاللهِ وَكِيلاً) للرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم في نفاذ أمره ، وهو وعيد للقائلين بالتثليث.
[١٧٣] ثم ذكر سبحانه أن المسيح عليهالسلام يعترف بأنه عبد الله فلم يقول هؤلاء بأنه ابن الله أو شريك الله؟ (لَنْ يَسْتَنْكِفَ الْمَسِيحُ) أي لن يأنف عيسى عليهالسلام (أَنْ يَكُونَ عَبْداً لِلَّهِ) بل اعترف هو عليهالسلام حين ولادته بذلك (قالَ إِنِّي عَبْدُ اللهِ آتانِيَ الْكِتابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا) (١) ، (وَلَا الْمَلائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ) الذين قربهم سبحانه من ساحة لطفه. ولعل هذا إشارة إلى رد من زعم أنهم أولاد الله كما حكى سبحانه بقوله : (وَجَعَلُوا الْمَلائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبادُ الرَّحْمنِ إِناثاً) (٢) ، (وَمَنْ يَسْتَنْكِفْ) يأنف ويمتنع (عَنْ عِبادَتِهِ وَيَسْتَكْبِرْ) فيرى نفسه أكبر وأعظم من أن يعترف لله بالعبودية
__________________
(١) مريم : ٣١.
(٢) الزخرف : ٢٠.