وهذا ما حازه جميعا علم التفسير ؛ وذلك لأنّ موضوعه كلام الله سبحانه وتعالى الذي هو ينبوع كلّ حكمة ، ومعدن كلّ فضيلة ، ومخزن العلوم والمعارف ، وغرضه هداية الناس إلى التي هي أقوم في الدنيا والآخرة.
كما أنّ معلومه ما أودعه الله سبحانه من قوانين ومعان وأسرار في عالمي التكوين والتشريع ، فعلم التفسير هو من أجلّ العلوم قدرا ؛ لأنّه الموصل إلى فهم مراد الباري عزوجل في كتابه ، ومعرفة أحكامه في وحيه وتنزيله ، وما فرضه على عباده ، وهذه الغاية من أشرف الغايات وأحسن الطرق لنيل السعادات.
هذا وقد نشأت للتفسير أساليب ومذاهب ، ودوّنت للمفسّرين شرائط وآداب ، وصار المفسّرون طبقات.
ولأهمّيّة الدور الذي يمارسه علم التفسير صار هذا العلم أساسا لكافة العلوم وأهمّها ، وما من علم إلا ويعوّل عليه ، ولقد بيّن العلماء الشروط التي يجب توفّرها في العالم ليكون قادرا على التفسير ، ولعلّ من أهمّها ما يلي :
١ ـ اللغة : ليعرف بها شرح المفردات ومدلولاتها بحسب الوضع ، فلا يكفي معرفة اليسير منها.
٢ ـ النحو : بما أنّ المعنى يتغيّر ويختلف باختلاف الإعراب فلا بدّ من وجود الإعراب لتحديد المعنى المراد من التركيب بناء على معرفة إعرابه.
٣ ـ التعريف : وبه يعرف المفسّر أبنية الكلم وموازينها وصيغها ، فإذا وجد كلمة مهمة استطاع تصريفها ، فاستطاع معرفة مادّتها ومعناها.
٤ ـ الاشتقاق : وهو معرفة المصدر الذي صدرت عنه الكلمة ، فالاسم إذا كان من مادّتين مختلفتين اختلف معناه باختلافهما ، كالمسيح مثلا : أهو من السياحة أم من المسح؟.