وَتُبْ عَلَيْنا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (١٢٨) رَبَّنا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (١٢٩)
____________________________________
تتعلق النسك بها ، والنسك العبادة ، يقال رجل ناسك ، أي عابد ، وقد استجاب الله دعاءهما ، حيث أراهما جبرائيل عليهالسلام موضع الصلاة ، والوقوف ، وغيرها (وَتُبْ عَلَيْنا) أي أرجع إلينا بالمغفرة والرحمة ، فإن التوبة بمعنى الرجوع ، ولذا يقال الله «التواب» أي كثير الرجوع إلى عبيده ، ومن ذلك تعرف أنه لا دلالة للآية ، على أنهما عليهماالسلام ، كانا قد أذنبا (إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ) بعبادك (الرَّحِيمُ) بهم.
[١٣٠] (رَبَّنا وَابْعَثْ فِيهِمْ) أي في الأمة المسلمة ـ التي طلبناها منك ـ (رَسُولاً مِنْهُمْ) من نفس الأمة ، لا من سائر الأمم ، حتى يكون لهم الشرف بكون الرسول منهم (يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِكَ) دلائلك ، وبراهينك ، وأحكامك (وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ) إما المراد : القرآن ، أو المراد : «كتابك» على نحو الكلي (وَالْحِكْمَةَ) هي وضع كل شيء موضعه والمراد بتعلمهم إياها ، تعليمهم العلوم الكونية والتشريعية ، فإن الجاهل لا يتمكن ، من وضع الأشياء مواضعها لجهله بها (وَيُزَكِّيهِمْ) أي يطهرهم من الأدناس والقذارات الأخلاقية والأعمالية (إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ) حقيقة ، فإن العزة لا تكون إلا بقلة الوجود ، وكثرة الاحتياج ، والله واحد لا شريك له ، وجميع الاحتياجات إليه وتخصيص العزة هنا بالذكر ، للتلميح إلى كون الاحتياج إليه (الْحَكِيمُ) فأفعالك صادرة عن حكمة ، وما طلباه إنما كان عين الحكمة.