(وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ فَقُلْنا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خاسِئِينَ (٦٥) فَجَعَلْناها نَكالاً لِما بَيْنَ يَدَيْها وَما خَلْفَها وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ (٦٦) وَإِذْ قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً قالُوا أَتَتَّخِذُنا هُزُواً قالَ أَعُوذُ بِاللهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجاهِلِينَ) (٦٧)
للتوبة ، (لَكُنْتُمْ مِنَ الْخاسِرِينَ) الهالكين في العذاب.
٦٥ ـ (وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ) عرفتم فيتعدى إلى مفعول واحد (الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ) هو مصدر سبتت اليهود إذا عظّمت يوم السبت. وقد اعتدوا فيه أي جاوزوا ما حدّ لهم فيه من التجرد للعبادة وتعظيمه واشتغلوا بالصيد ، وذلك أنّ الله تعالى نهاهم أن يصيدوا في السبت ، ثم ابتلاهم ، فما كان يبقى حوت (١) في البحر إلّا أخرج خرطومه يوم السبت ، فإذا مضى تفرقت ، فحفروا حياضا عند البحر وشرعوا إليها الجداول ، فكانت الحيتان تدخلها يوم السبت لأمنها من الصيد ، وكانوا يسدون مشارعها من البحر فيصطادونها يوم الأحد ، فذلك الحبس في الحياض هو اعتداؤهم ، (فَقُلْنا لَهُمْ كُونُوا) بتكويننا إيّاكم (قِرَدَةً خاسِئِينَ) خبر كان ، أي كونوا جامعين بين القرديّة والخسوء وهو الصّغار والطّرد.
٦٦ ـ (فَجَعَلْناها) يعني المسخة (نَكالاً) عبرة تنكل من اعتبر بها أي تمنعه ، (لِما بَيْنَ يَدَيْها) لما قبلها ، (وَما خَلْفَها) وما بعدها من الأمم والقرون لأنّ مسختهم ذكرت في كتب الأولين ، فاعتبروا بها واعتبر بها من بلغتهم من الآخرين ، (وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ) الذين نهوهم عن الاعتداء من صالحي قومهم ، أو لكلّ متق سمعها.
٦٧ ـ (وَإِذْ قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ) أي واذكروا إذ قال موسى ، وهو معطوف على نعمتي في قوله : (اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ) (٢) كأنّه قال اذكروا ذاك واذكروا إذ قال موسى. وكذلك هذا في الظروف التي مضت أي اذكروا نعمتي واذكروا وقت إنجائنا إياكم ، واذكروا وقت فرقنا واذكروا نعمتي ، واذكروا وقت استسقاء موسى ربّه لقومه ، والظروف التي تأتي إلى قوله : (وَإِذِ ابْتَلى إِبْراهِيمَ رَبُّهُ) (٣) (إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ) أي بأن (تَذْبَحُوا بَقَرَةً) قال المفسرون أول القصة مؤخر في التلاوة وهو قوله تعالى : (وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْساً فَادَّارَأْتُمْ فِيها) (٤) ، وذلك أنّ
__________________
(١) حوت : أي سمك وهو يطلق على السمك الصغير وعلى الكبير ، وعلى الحوت المعروف.
(٢) البقرة ، ٢ / ٤٠ و ٤٧.
(٣) البقرة ، ٢ / ١٢٤.
(٤) البقرة ، ٢ / ٧٢.