(ثُمَّ بَعَثْناكُمْ مِنْ بَعْدِ مَوْتِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (٥٦) وَظَلَّلْنا عَلَيْكُمُ الْغَمامَ وَأَنْزَلْنا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوى كُلُوا مِنْ طَيِّباتِ ما رَزَقْناكُمْ وَما ظَلَمُونا وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (٥٧) وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا هذِهِ الْقَرْيَةَ فَكُلُوا مِنْها حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَداً وَادْخُلُوا الْبابَ سُجَّداً وَقُولُوا حِطَّةٌ نَغْفِرْ لَكُمْ خَطاياكُمْ وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ) (٥٨)
عليّ ، فقالوا : إنّك رأيت الله تعالى فلن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة ، فبعث الله عليهم صاعقة فأحرقتهم. وتعلقت المعتزلة بهذه الآية في نفي الرؤية لأنّه لو كان جائز الرؤية لما عذّبوا بسؤال ما هو جائز الثبوت. قلنا إنّما عوقبوا بكفرهم لأنّ قولهم : إنّك رأيت الله فلن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة كفر منهم ، ولأنّهم امتنعوا عن الإيمان بموسى بعد ظهور معجزته حتى يروا ربهم جهرة ، والإيمان بالأنبياء واجب بعد ظهور معجزاتهم ولا يجوز اقتراح الآيات عليهم ، ولأنّهم لم يسألوا سؤال استرشاد بل سؤال تعنت وعناد ، (وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ) إليها حين نزلت.
٥٦ ـ (ثُمَّ بَعَثْناكُمْ) أحييناكم ، وأصله الإثارة (مِنْ بَعْدِ مَوْتِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) نعمة البعث بعد الموت.
٥٧ ـ (وَظَلَّلْنا عَلَيْكُمُ الْغَمامَ) جعلنا الغمام يظلّكم وذلك في التيه سخّر الله لهم السحاب يسير بسيرهم يظلهم من الشمس وينزل بالليل عمود من نار يسيرون في ضوئه وثيابهم لا تتسخ ولا تبلى (وَأَنْزَلْنا عَلَيْكُمُ الْمَنَ) التّرنجبين وكان ينزل عليهم مثل الثلج من طلوع الفجر إلى طلوع الشمس لكلّ إنسان صاع (وَالسَّلْوى) كان يبعث الله عليهم الجنوب فتحشر عليهم السلوى وهي السماني فيذبح الرجل منها ما يكفيه ، وقلنا لهم (كُلُوا مِنْ طَيِّباتِ) لذيذات أو حلالات (ما رَزَقْناكُمْ وَما ظَلَمُونا) يعني فظلموا بأن كفروا هذه النّعم وما ظلمونا (وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ) أنفسهم مفعول يظلمون وهو خبر كان.
٥٨ ـ (وَإِذْ قُلْنَا) لهم بعد ما خرجوا من التيه ، (ادْخُلُوا هذِهِ الْقَرْيَةَ) أي بيت المقدس ، أو أريحاء ، والقرية المجتمع من قريت لأنّها تجمع الخلق ، أمروا بدخولها بعد التيه (فَكُلُوا مِنْها) من طعام القرية وثمارها ، (حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَداً) واسعا (وَادْخُلُوا الْبابَ) باب القرية ، أو باب القبة التي كانوا يصلّون إليها ، وهم لم يدخلوا بيت المقدس في حياة موسى عليهالسلام ، وإنّما دخلوا الباب في حياته ، ودخلوا بيت المقدس بعده ، (سُجَّداً) حال ، وهو جمع ساجد ، أمروا بالسجود عند الانتهاء إلى