فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكافِرِينَ) (٢٤)
(مِثْلِهِ) (١) (عَلى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ) (٢) ولأنّ الكلام مع ردّ الضمير إلى المنزّل أحسن ترتيبا. وذلك أنّ الحديث في المنزّل لا في المنزّل عليه ، وهو مسوق إليه فإنّ المعنى وإن ارتبتم في أنّ القرآن منزل من عند الله فهاتوا أنتم نبذا مما يماثله ، وقضية الترتيب لو كان الضمير مردودا إلى رسول الله عليهالسلام (٣) أن يقال وإن ارتبتم في أنّ محمدا منزّل عليه فهاتوا قرآنا من مثله ، ولأنّ هذا التفسير يلائم قوله : (وَادْعُوا شُهَداءَكُمْ) جمع شهيد بمعنى الحاضر أو القائم بالشهادة (مِنْ دُونِ اللهِ) أي غير الله ، وهو متعلق بشهداءكم ، أي ادعو الذين اتخذتموهم آلهة من دون الله وزعمتم أنّهم يشهدون لكم يوم القيامة أنّكم على الحقّ ، أو من يشهد لكم بأنّه مثل القرآن (إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) أنّ ذلك مختلق وأنّه من كلام محمد عليهالسلام ، وجواب الشرط محذوف يدل عليه ما قبله ، أي إن كنتم صادقين في دعواكم فأتوا أنتم بمثله واستعينوا بآلهتكم على ذلك.
٢٤ ـ (فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجارَةُ) لمّا أرشدهم إلى الجهة التي منها يتعرّفون صدق النبي عليهالسلام ، قال لهم فإذا لم تعارضوه وبان عجزكم ووجب تصديقه فآمنوا وخافوا العذاب المعدّ لمن كذّب ، وعاند (٤). وفيه دليلان على إثبات النبوة ، صحة كون المتحدّى به معجزا ، والإخبار بأنهم لن يفعلوا ، وهو غيب لا يعلمه إلا الله ، ولما كان العجز عن المعارضة قبل التأمل كالشكوك فيه لديهم لاتكالهم على فصاحتهم ، واعتمادهم على بلاغتهم ، سيق الكلام معهم على حسب حسبانهم ، فجيء بإن الذي للشك دون إذا الذي للوجوب ، وعبر عن الإتيان بالفعل لأنه فعل من الأفعال ، والفائدة فيه أنّه جار مجرى الكناية التي تعطيك اختصارا إذ لو لم يعدل عن (٥) لفظ الإتيان إلى لفظ الفعل لاستطيل أن يقال فإن لم تأتوا بسورة من مثله ولن تأتوا بسورة من مثله ، ولا محلّ لقوله ولن تفعلوا لأنّها جملة اعتراضية ، وحسن هذا الاعتراض أنّ لفظ الشرط للتردد فقطع التردد بقوله ولن تفعلوا. ولا ولن أختان في نفي المستقبل ، إلا أنّ في لن تأكيدا ، وعن الخليل أصلها لا أن (٦) ، وعند
__________________
(١) هود ، ١١ / ١٣.
(٢) الإسراء ، ١٧ / ٨٨.
(٣) ليست في (ظ) وفي (ز) صلىاللهعليهوسلم.
(٤) زاد في (ظ) أي عارض.
(٥) في (ز) من.
(٦) في (ظ) إلا عن.