(وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنا عَلى عَبْدِنا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَداءَكُمْ مِنْ دُونِ اللهِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) (٢٣)
كثيرا ، لأنّ المراد جماعة الثمرة. ولأنّ الجموع يتعاور بعضها موقع بعض لالتقائهما (١) في الجمعية (لَكُمُ) صفة جارية على الرّزق إن أريد به العين ، وإن جعل اسما للمعنى فهو مفعول به ، كأنّه قيل رزقا إياكم (فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْداداً) هو متعلق بالأمر أي اعبدوا ربكم فلا تجعلوا له أندادا ، لأنّ أصل العبادة وأساسها التوحيد ، وأن لا يجعل له ند ولا شريك ، ويجوز أن يكون الذي رفعا على الابتداء وخبره فلا تجعلوا. ودخول الفاء لأنّ الكلام يتضمن الجزاء أي الذي حفّكم بهذه الآيات العظيمة والدلائل النيّرة الشاهدة بالوحدانية فلا تتخذوا له شركاء. والنّدّ المثل (٢) ولا يقال إلّا للمثل المخالف المناوئ ، ومعنى قولهم ليس لله ندّ ولا ضدّ نفي ما يسدّ مسدّه ونفي ما ينافيه (وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ) أنّها لا تخلق شيئا ولا ترزق والله الخالق الرازق ، أو مفعول تعلمون متروك أي وأنتم من أهل العلم ، وجعل الأصنام لله أندادا غاية الجهل ، والجملة حال من الضمير في فلا تجعلوا ، ولما احتجّ عليهم بما يثبت الوحدانية ويبطل الإشراك بخلقهم (٣) أحياء قادرين ، وخلق الأرض التي هي مكانهم (٤) ومستقرّهم ، وخلق السماء التي هي كالقبة المضروبة والخيمة المطنبة على هذا القرار ، وما سوّاه عزوجل من شبه عقد النكاح بين المقلة والمظلّة بإنزال الماء منها عليها ، والإخراج به من بطنها أشباه النسل من الثمار رزقا لبني آدم ، فهذا كلّه دليل موصل إلى التوحيد مبطل للإشراك لأنّ شيئا من المخلوقات لا يقدر على إيجاد شيء منها ، عطف على ذلك ما هو الحجّة على إثبات نبوة محمد صلىاللهعليهوسلم وما يقرّر إعجاز القرآن فقال :
٢٣ ـ (وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنا) ما نكرة موصوفة ، أو بمعنى الذي (عَلى عَبْدِنا) محمد عليهالسلام والعبد اسم لمملوك من جنس العقلاء ، والمملوك موجود قهر بالاستيلاء ، وقيل نزلنا دون أنزلنا لأنّ المراد به النزول على سبيل التدريج والتنجيم ، وهو من مجازه لمكان التحدّي ، وذلك أنّهم كانوا يقولون لو كان هذا من عند الله لم ينزل هكذا نجوما ، سورة بعد سورة وآيات غبّ آيات ، على حسب النوازل ، وعلى سنن ما نرى عليه أهل الخطابة والشعر ، من وجود ما يوجد منهم مفرقا حينا فحينا ، شيئا فشيئا لا يلقي الناظم ديوان شعره دفعة ، ولا يرمي الناثر بخطبه ضربة ، فلو أنزله
__________________
(١) في (ز) لالتقائها.
(٢) في (ز) المثل والند.
(٣) في (ز) لخلقهم.
(٤) في (ز) مثواهم.