(رُسُلاً مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكانَ اللهُ عَزِيزاً حَكِيماً (١٦٥) لكِنِ اللهُ يَشْهَدُ بِما أَنْزَلَ إِلَيْكَ أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ وَالْمَلائِكَةُ يَشْهَدُونَ وَكَفى بِاللهِ شَهِيداً (١٦٦) إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللهِ قَدْ ضَلُّوا ضَلالاً بَعِيداً (١٦٧) إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَظَلَمُوا لَمْ يَكُنِ اللهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلا لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقاً (١٦٨) إِلاَّ طَرِيقَ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها أَبَداً وَكانَ ذلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيراً) (١٦٩)
ليست بشرط لصحة الإيمان بل من شرطه أن يؤمن بهم جميعا ، إذ لو كان معرفة كل واحد منهم شرطا لقصّ علينا كل ذلك (وَكَلَّمَ اللهُ مُوسى تَكْلِيماً) أي بلا واسطة.
١٦٥ ـ (رُسُلاً مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ) الأوجه أن ينتصب على المدح أي أعني رسلا ، ويجوز أن يكون بدلا من الأول وأن يكون مفعولا أي وأرسلنا رسلا ، واللام في (لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ) يتعلق بمبشرين ومنذرين ، والمعنى أنّ إرسالهم إزاحة للعلة وتتميم لإلزام الحجّة ، لئلا يقولوا لو لا أرسلت إلينا رسولا فيوقظنا من سنة الغفلة ، وينبهنا بما وجب الانتباه له ، ويعلمنا ما سبيل معرفته السمع كالعبادات والشرائع أعني في حق مقاديرها وأوقاتها وكيفياتها دون أصولها فإنها مما يعرف بالعقل (وَكانَ اللهُ عَزِيزاً) في العقاب على الإنكار (حَكِيماً) في بعث الرسل للإنذار.
ولما نزل إنّا أوحينا إليك ، قالوا : ما نشهد لك بهذا ، فنزل :
١٦٦ ـ (لكِنِ اللهُ يَشْهَدُ بِما أَنْزَلَ إِلَيْكَ) ومعنى شهادة الله بما أنزل إليه إثباته لصحته بإظهار المعجزات كما تثبت الدعاوى بالبينات ، إذ الحكيم لا يؤيد الكاذب بالمعجزة (أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ) أي أنزله وهو عالم بأنّك أهل لإنزاله إليك وأنّك مبلّغه ، أو أنزله بما علم من مصالح العباد ، وفيه نفي قول المعتزلة في إنكار الصفات ، فإنّه أثبت لنفسه العلم (وَالْمَلائِكَةُ يَشْهَدُونَ) لك بالنبوة (وَكَفى بِاللهِ شَهِيداً) شاهدا وإن لم يشهد غيره.
١٦٧ ـ (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا) بتكذيب محمد صلىاللهعليهوسلم وهم اليهود (وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللهِ) ومنعوا الناس عن سبيل الحق بقولهم للعرب إنّا لا نجده في كتابنا (قَدْ ضَلُّوا ضَلالاً بَعِيداً) عن الرشد.
١٦٨ ـ (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا) بالله (وَظَلَمُوا) محمدا عليهالسلام بتغيير نعته وإنكار نبوته (لَمْ يَكُنِ اللهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ) ما داموا على الكفر (وَلا لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقاً).
١٦٩ ـ (إِلَّا طَرِيقَ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها أَبَداً وَكانَ ذلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيراً) وكان