(فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْيَتامى قُلْ إِصْلاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخالِطُوهُمْ فَإِخْوانُكُمْ وَاللهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ وَلَوْ شاءَ اللهُ لَأَعْنَتَكُمْ إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) (٢٢٠)
في خريطة (١) ويضعونها على يد عدل ثم يجلجلها ويدخل يده ويخرج باسم رجل رجل ، قدحا (٢) منها ، فمن خرج له قدح من ذوات الأنصباء أخذ النصيب الموسوم به ذلك القدح ، ومن خرج له قدح مما لا نصيب له لم يأخذ شيئا وغرّم ثمن الجزور كلّه ، وكانوا يدفعون تلك الأنصباء إلى الفقراء ولا يأكلون منها ويفتخرون بذلك ويذمون من لم يدخل فيه ، وفي حكم الميسر أنواع القمار من النرد والشطرنج وغيرهما ، والمعنى يسألونك عما في تعاطيهما بدليل (قُلْ فِيهِما إِثْمٌ كَبِيرٌ) بسبب التخاصم والتشاتم وقول الفحش والزور ، كثير حمزة وعليّ (وَمَنافِعُ لِلنَّاسِ) بالتجارة في الخمر والتلذذ بشربها ، وفي الميسر بارتفاق الفقراء أو نيل المال بلا كدّ (وَإِثْمُهُما) وعقاب الإثم في تعاطيهما (أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِما) لأنّ أصحاب الشرب والقمار يقترفون فيهما الآثام من وجوه كثيرة (وَيَسْئَلُونَكَ ما ذا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ) أي الفضل ، أي أنفقوا ما فضل عن قدر الحاجة ، وكان التصدق بالفضل في أول الإسلام فرضا ، فإذا كان الرجل صاحب زرع أمسك قوت سنة وتصدق بالفضل وإذا كان صانعا أمسك قوت يومه وتصدق بالفضل ، فنسخت بآية الزكاة ، العفو أبو عمرو ، فمن نصبه جعل ماذا اسما واحدا في موضع النصب بينفقون والتقدير قل ينفقون العفو ، ومن رفعه جعل ما مبتدأ وخبره ذا مع صلته ، فذا بمعنى الذي وينفقون صلته أي ما الذي ينفقون فجاء الجواب العفو أي هو العفو ، فإعراب الجواب كإعراب السؤال ليطابق الجواب السؤال (كَذلِكَ) الكاف في موضع نصب نعت لمصدر محذوف أي تبيينا مثل هذا التبيين (يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمُ الْآياتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ).
٢٢٠ ـ (فِي الدُّنْيا) أي في أمر الدنيا (وَالْآخِرَةِ) وفي يتعلق بتتفكرون أي تتفكرون فيما يتعلق بالدارين فتأخذون بما هو أصلح لكم ، أو تتفكرون في الدارين فتؤثرون أبقاهما وأكثرهما منافع ، ويجوز أن يتعلق بيبين أي يبين لكم الآيات في أمر الدارين وفيما يتعلق بهما لعلكم تتفكرون.
ولما نزل : (إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوالَ الْيَتامى ظُلْماً) (٣) اعتزلوا اليتامى وتركوا
__________________
(١) الخريطة وعاء من أدم وغيره تشرج على فيها.
(٢) في (ظ) و(ز) باسم رجل قدحا قدحا.
(٣) النساء ، ٤ / ١٠.