مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ فَتَكُونَ مِنَ الْمُعَذَّبِينَ (٢١٣) وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ (٢١٤) وَاخْفِضْ جَناحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (٢١٥) فَإِنْ عَصَوْكَ فَقُلْ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ (٢١٦) وَتَوَكَّلْ عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ (٢١٧) الَّذِي يَراكَ حِينَ تَقُومُ (٢١٨) وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ (٢١٩) إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (٢٢٠) هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلى مَنْ تَنَزَّلُ الشَّياطِينُ (٢٢١) تَنَزَّلُ عَلى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ (٢٢٢) يُلْقُونَ السَّمْعَ وَأَكْثَرُهُمْ كاذِبُونَ (٢٢٣) وَالشُّعَراءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغاوُونَ (٢٢٤) أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وادٍ يَهِيمُونَ (٢٢٥) وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ ما لا يَفْعَلُونَ (٢٢٦) إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَذَكَرُوا اللهَ كَثِيراً وَانْتَصَرُوا مِنْ بَعْدِ ما ظُلِمُوا وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ (٢٢٧))
[الشعراء : ١٩٣ ، ٢٢٧]
الروح الأمين روح الكون الكلي ، وله أسماء عديدة كنا ذكرناها في كتبنا السابقة منها العقل الفعال والحقيقة المحمدية والنور الشريف والنور الأول ، وهو أول خلق الله كما جاء في الحديث الشريف أول ما خلق الله العقل ، فقال له : أقبل فأقبل ثم قال له : أدبر فأدبر ، ثم قال : والله ما خلقت خلقا أحب إلي منك ، بك آخذ وبك أعطي ، وبك أعاقب وبك أثيب ، وقال أيضا : أنا من نور الله ، والمؤمنون من فيض نوري ، وواضح أنه عن طريق هذا العقل استوى الله على عرش الوجود ، وكان القاهر فالروح جمع للجهات ، وعنه صدرت العقول التسعة الشريفة الأولى التي كنا ذكرناها والتي هي أساس الوجود العياني ومقولاته.
وقوله سبحانه : (عَلى قَلْبِكَ) يعني أن الروح في القلب ، لهذا قال إبن سينا في كل متعين متعين ومطلق غير متعين ، فهذا المطلق غير المتعين هو الروح ، وهو لا تحتويه الجهات ، ويحتوي هو الجهات ويطلبها ويوحدها ليمارس قواه ، ولا يخرج مخلوق على الروح بل ولا شيء ، لأنه هو أصل الشيئية ، قال أدينغتون : كان هناك كتلة هائلة من الإشعاع الذري ، وهذه الكتلة انفجرت وبانفجارها أحدثت المجرات الكثيرة ، وهذا الانفجار لم يحدث في وقت قصير بل دام عشرة مليارات سنة وما زال يحدث إلى الآن.
والروح يمارس فعله في الأشياء بطرق شتى منها ممارسته فعله في الذرة التي هي أساس عالم العيان ، وهو يمارس فعله في الحيوان عن طريق الغريزة التي حارت العلماء في معرفة أصلها وكيفية وجودها في الحيوان وكيفية ممارسة فعلها ، وكيفية وصولها إلى هذا المستوى الرفيع من النظام الوجودي الكامل الشامل ، قال الإمام الغزالي : الحيوانات التي لها اختيار مسخرات في نفس اختيارها بأمره ، فإن الله تعالى هو المسلط للدواعي عليها لتفعل شاءت أم أبت.
والروح في الإنسان هو المربي ، ولهذا وصف في الآية بأنه تنزيل من رب العالمين ، ومعلوم أن الربوبية هي مجال الفعل وممارستها الفعل ، ولهذا سميت ربوبية ، وفي مجال