أَوْفُوا الْكَيْلَ وَلا تَكُونُوا مِنَ الْمُخْسِرِينَ (١٨١) وَزِنُوا بِالْقِسْطاسِ الْمُسْتَقِيمِ (١٨٢) وَلا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْياءَهُمْ وَلا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ (١٨٣) وَاتَّقُوا الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالْجِبِلَّةَ الْأَوَّلِينَ (١٨٤) قالُوا إِنَّما أَنْتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ (١٨٥) وَما أَنْتَ إِلاَّ بَشَرٌ مِثْلُنا وَإِنْ نَظُنُّكَ لَمِنَ الْكاذِبِينَ (١٨٦) فَأَسْقِطْ عَلَيْنا كِسَفاً مِنَ السَّماءِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (١٨٧) قالَ رَبِّي أَعْلَمُ بِما تَعْمَلُونَ (١٨٨) فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمْ عَذابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ إِنَّهُ كانَ عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (١٨٩) إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً وَما كانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ (١٩٠) وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (١٩١) وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعالَمِينَ (١٩٢))
[الشعراء : ١٧٦ ، ١٩٢]
الأيكة غيضة الشجر ، والإشارة إلى المعقولات المستنبطة من المحسوسات ، والملاحظ أن المعقول لافكاك له عن الموصوف ، ولهذا كانت العاقلة العملية ممثلة الحياة الواقعية وهي مسخرة لحل مشكلات العالم الخارجي وضمان استمرار حياة الإنسان في الأرض.
والكيل والميزان المستقيم هما مصادر المعقولات الأصلية وهي الروح ، فلو لا الروح ، ممثل الحق وحكمته ومبدأ تكثره ، لما كان المعقول معقولا أولا ، ولما استطاع الفكر استخراجه من المحسوس وجعله في مرتبة المعقول ثانيا والميزان المستقيم إشارة إلى الانتقال من مرحلة العاقلة العملية إلى مرحلة العاقلة النظرية حيث يبدأ الإنسان التفكير في المعقولات نفسها والماهية وفي ذاته وحقيقته ، ويتفكر في خلق السموات والأرض فيجعل الأمور في نصابها ويوفي الكيل ويزن بالقسطاس المستقيم فيجعل كما قال المسيح ما لقيصر لقيصر وما لله لله.
والكسف الساقطة وعذاب يوم الظلة قيام الساعة الكبرى من بعد قيامها القيامة الصغرى للعارفين فإذا كفتا الميزان جميعا لله ، وإذا هو في السماء إله وفي الأرض إله ، وإذا هو رب كل شيء سواء على مستوى الحس أو على مستوى المعقول ، فالظلة إشارة إلى التظليل الإلهي للوجود كله وكونه هو المهيمن ، ولا يكون الإنسان بعد هذا الكشف العلمي سوى أداة تحقق وظهور.
١٩٣ ، ٢٢٧ ـ (نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ (١٩٣) عَلى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ (١٩٤) بِلِسانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ (١٩٥) وَإِنَّهُ لَفِي زُبُرِ الْأَوَّلِينَ (١٩٦) أَوَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ آيَةً أَنْ يَعْلَمَهُ عُلَماءُ بَنِي إِسْرائِيلَ (١٩٧) وَلَوْ نَزَّلْناهُ عَلى بَعْضِ الْأَعْجَمِينَ (١٩٨) فَقَرَأَهُ عَلَيْهِمْ ما كانُوا بِهِ مُؤْمِنِينَ (١٩٩) كَذلِكَ سَلَكْناهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ (٢٠٠) لا يُؤْمِنُونَ بِهِ حَتَّى يَرَوُا الْعَذابَ الْأَلِيمَ (٢٠١) فَيَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ (٢٠٢) فَيَقُولُوا هَلْ نَحْنُ مُنْظَرُونَ (٢٠٣) أَفَبِعَذابِنا يَسْتَعْجِلُونَ (٢٠٤) أَفَرَأَيْتَ إِنْ مَتَّعْناهُمْ سِنِينَ (٢٠٥) ثُمَّ جاءَهُمْ ما كانُوا يُوعَدُونَ (٢٠٦) ما أَغْنى عَنْهُمْ ما كانُوا يُمَتَّعُونَ (٢٠٧) وَما أَهْلَكْنا مِنْ قَرْيَةٍ إِلاَّ لَها مُنْذِرُونَ (٢٠٨) ذِكْرى وَما كُنَّا ظالِمِينَ (٢٠٩) وَما تَنَزَّلَتْ بِهِ الشَّياطِينُ (٢١٠) وَما يَنْبَغِي لَهُمْ وَما يَسْتَطِيعُونَ (٢١١) إِنَّهُمْ عَنِ السَّمْعِ لَمَعْزُولُونَ (٢١٢) فَلا تَدْعُ