القوى والإمكانات ، وشعب إلى العالم الظاهري حيث الكثرة وحيث تأخذ النفس من هذا العالم وتعطي ، وعقر الناقة صرفها عن الروح وتوجيهها بالكلية إلى العالم الخارجي ، ونتيجة تحويل كهذا هي العذاب ، والعذاب هنا بعد الإنسان عن ربه واعتماده العالم الخارجي ونفسه.
١٦٠ ، ١٧٥ ـ (كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ الْمُرْسَلِينَ (١٦٠) إِذْ قالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ لُوطٌ أَلا تَتَّقُونَ (١٦١) إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ (١٦٢) فَاتَّقُوا اللهَ وَأَطِيعُونِ (١٦٣) وَما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلى رَبِّ الْعالَمِينَ (١٦٤) أَتَأْتُونَ الذُّكْرانَ مِنَ الْعالَمِينَ (١٦٥) وَتَذَرُونَ ما خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ أَزْواجِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ عادُونَ (١٦٦) قالُوا لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ يا لُوطُ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمُخْرَجِينَ (١٦٧) قالَ إِنِّي لِعَمَلِكُمْ مِنَ الْقالِينَ (١٦٨) رَبِّ نَجِّنِي وَأَهْلِي مِمَّا يَعْمَلُونَ (١٦٩)فَنَجَّيْناهُ وَأَهْلَهُ أَجْمَعِينَ (١٧٠) إِلاَّ عَجُوزاً فِي الْغابِرِينَ (١٧١) ثُمَّ دَمَّرْنَا الْآخَرِينَ (١٧٢) وَأَمْطَرْنا عَلَيْهِمْ مَطَراً فَساءَ مَطَرُ الْمُنْذَرِينَ (١٧٣) إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً وَما كانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ (١٧٤) وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (١٧٥))
[الشعراء : ١٦٠ ، ١٧٥]
إتيان الذكران وترك الأزواج دعوى ملكية الفعل لأن الذكر فاعل ، وكل إنسان فاعل ، وكل من يقول أنا فعلت دون أن يعي الفاعل الحقيقي هو كمن يأتي الذكور دون الأزواج ، وإتيان الأزواج هو الصحيح الحلال ، لأن الزوجة صنو الزوج ، ويقال لها وله زوجان ، وعلى مستوى الوحدة فالإنسان مكون من آدم وحواء جميعا لأنه نسلهما ، فالإنسان مخلوق من هذا التزاوج ، والازدواجية شيمته ، ولهذا يحاور الإنسان نفسه حوارا ذاتيا ، ويفكر أحيانا بصوت مسموع ، ويتردد قبل أن يتخذ قرار ما ، وهذا كله ناجم عن الازدواجية المركوزة في الذات البشرية ، والازدواجية خير له لأنها من الأنا واللأنا ، والأنا واللأنا تخرج الصفات وتظهر الأسماء.
والعجوز التي لم تنج مع لوط إشارة إلى النفس الحيوانية ذاتها ، إذ أن ميدان هذه النفس العالم ، فالنفس بحاجة إلى جهة ، والجهة إحدى المقولات العشر ، فلا انفكاك للنفس الحيوانية عن عالم العيان ، فإن بقي بقيت ، وإن زال زالت وأصحاب النفس الحيوانية الذين لم ينجوا ، كما نجا نوح ومن معه من الغرق في طوفان عالم العناصر ، هم هالكون ، وممثلهم في هذه الآية هذه العجوز التي هي امرأة لوط نفسه ، ولقد تحدثنا عن ازدواجية النفس ذاتها وكون الإنسان وليد آدم وحواء معا ، ففي رؤيا المكاشفين حواء هي رمز العالم العياني الحيواني نفسه ، والملاحظ أن آدم هو الذي عاد إلى جنة المعقولات دون حواء.
١٧٦ ، ١٩٢ ـ (كَذَّبَ أَصْحابُ الْأَيْكَةِ الْمُرْسَلِينَ (١٧٦) إِذْ قالَ لَهُمْ شُعَيْبٌ أَلا تَتَّقُونَ (١٧٧) إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ (١٧٨) فَاتَّقُوا اللهَ وَأَطِيعُونِ (١٧٩) وَما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلى رَبِّ الْعالَمِينَ (١٨٠)