قال الإمام الغزالي : كم من لائم ملوم. وكم من ملوم لا ذنب له ، وقيل : لا تلم أخاك واحمد ربا عافاك.
١٠٥ ، ١٢٢ ـ (كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ (١٠٥) إِذْ قالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ نُوحٌ أَلا تَتَّقُونَ (١٠٦) إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ (١٠٧) فَاتَّقُوا اللهَ وَأَطِيعُونِ (١٠٨) وَما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلى رَبِّ الْعالَمِينَ (١٠٩) فَاتَّقُوا اللهَ وَأَطِيعُونِ (١١٠) قالُوا أَنُؤْمِنُ لَكَ وَاتَّبَعَكَ الْأَرْذَلُونَ (١١١) قالَ وَما عِلْمِي بِما كانُوا يَعْمَلُونَ (١١٢) إِنْ حِسابُهُمْ إِلاَّ عَلى رَبِّي لَوْ تَشْعُرُونَ (١١٣) وَما أَنَا بِطارِدِ الْمُؤْمِنِينَ (١١٤) إِنْ أَنَا إِلاَّ نَذِيرٌ مُبِينٌ (١١٥) قالُوا لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ يا نُوحُ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمَرْجُومِينَ (١١٦) قالَ رَبِّ إِنَّ قَوْمِي كَذَّبُونِ (١١٧) فَافْتَحْ بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ فَتْحاً وَنَجِّنِي وَمَنْ مَعِيَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (١١٨) فَأَنْجَيْناهُ وَمَنْ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ (١١٩) ثُمَّ أَغْرَقْنا بَعْدُ الْباقِينَ (١٢٠) إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً وَما كانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ (١٢١) وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (١٢٢))
[الشعراء : ١٠٥ ، ١٢٢]
منذ فجر التاريخ والناس فريقان ، فريق مؤمن وفريق كافر ، والإيمان درجات أيضا كنا قد تحدثنا عنها من قبل ، وكل من الفريقين يوردون أدلة منطقية تؤيد مذهبهم ، ولهذا رفض الفيلسوف كانط إثبات وجود الله بالأدلة المنطقية كما فضح طبيعة العقل الذي يستطيع أن يثبت وجود الله ويستطيع أيضا أن ينفي وجوده ، والحوار بين الفريقين دائم ومستمر ما استمرت الحياة ، ولهذا كان دعاء نوح في الآية الثامنة عشرة بعد المائة قوله : (فَافْتَحْ بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ فَتْحاً).
فالفتح مفتاح حل القضية التي لا حل لها ، ويبدو هذا القول متناقضا في ذاته ، ولكن صاحب الكشف الذي جاءه الفتح ، هو الذي يكون له وحده حق الخروج من هذه المتاهة والخلاص من هذا الفخ ، وذلك بأن يرى كشفا أن الكفر والإيمان هما في قبضته تعالى ، وأنه لو لا الكفر ما كان للإيمان قيمة بل ولا وجود.
ونجاة نوح ومن معه في الفلك نجاته بالعلم الإلهي الذوقي من ظلمات الجهل الذي يعيش فيه الناس ، فالأنبياء والأولياء الوارثون ومن تبعوهم من المؤمنين هم الذين عاموا في بحر الوجود المادي ، وذلك بأن التحقوا هم أنفسهم بالبحر المطلق فصاروا جزآ من هذا المطلق فالمهم اكتشاف النور الشريف الذي هو أصل كل شيء ، والذي به يقوم به كل شيء ، ويقوم به الإنسان المهدي أيضا الذي اكتشف وعرف وأيقن أنه جزء من النور الشريف ، ولهذا سمى السهروردي هذا النور الإنساني النور المضاف أو النور المعار.
١٢٣ ، ١٣٨ ـ (كَذَّبَتْ عادٌ الْمُرْسَلِينَ (١٢٣) إِذْ قالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ هُودٌ أَلا تَتَّقُونَ (١٢٤) إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ (١٢٥) فَاتَّقُوا اللهَ وَأَطِيعُونِ (١٢٦) وَما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلى رَبِّ الْعالَمِينَ (١٢٧) أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً تَعْبَثُونَ (١٢٨) وَتَتَّخِذُونَ مَصانِعَ لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ (١٢٩) وَإِذا بَطَشْتُمْ بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ (١٣٠) فَاتَّقُوا