سورة الشعراء
بسم الله الرّحمن الرّحيم
١ ـ (طسم (١))
[الشعراء : ١]
الطاء الطابع ، وكل ما في العيان من آثار هذا الطابع الذي هو الحق سبحانه ، والسين سر الطبع ، والذي عبر عنه سبحانه في موضع آخر قائلا سبحانه : (إِنَّما أَمْرُهُ إِذا أَرادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (٨٢)) [يس : ٨٢] ، وتقول الصوفية : يا من أمره بين الكاف والنون ، فعملية الطبع إذن دائمة ، وهذا ما فصلنا الكلام فيه في كتابنا الإنسان الكبير ، ومن المعلوم إن العلماء المحدثين درسوا خصائص المورثات (الجينات) ، وهم يكتشفون يوما بعد يوم أسرار هذه الخصائص الموجودة في الخلايا والتي تنتقل بالوراثة من جيل إلى جيل ، وهم يقولون إن الغريزة نظام مطبوع في الخلايا العصبية ، ولكنهم يجهلون كيف يتم هذا الطبع ولا كيف تنتقل المورثات من الآباء إلى الأبناء ، ولا كيف يظل الطبع حيا في الخلايا علما أن للخلايا عمرا وأنها تولد وتحيا وتموت .. فكيف يظل قانون الغريزة ساري المفعول في بناء الخلايا باستمرار؟
والميم المركز ويذكر بالعلية الدائرية التي تحدث عنها هيغل والتي تبين على جميع المستويات تأثير العلة في المعلول وتأثير المعلول في العلة ، وتأثير الكم في الكيف وتأثير الكيف في الكم ، وتحول الكم إلى كيف وتحول الكيف إلى كم ، وأبرز الإمام الغزالي دور الروح في العملية ، والروح هو المركز المشع في الدائرة الوجودية التي هي مجال فعل الروح ونشاطه.
٢ ـ (تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْمُبِينِ (٢))
[الشعراء : ٢]
الكتاب الكتاب العلمي الوجودي الذي بمقتضاه خرج العلم من الإجمال إلى التفصيل ، أي من اللاتعين إلى التعين ، والعملية علمية دقيقة تدور حولها الدراسات الحديثة التجريبية التي تلقي الأضواء على هذا العالم المليء بالأسرار العلمية المدهشة العظيمة ، يكفي أن يطالع الإنسان كتب علم الفلك والفضاء ويرى كم تطورت الدراسات منذ عهد القدامى حتى العصر الحديث ، وكم جدت اكتشافات لعالم الأجرام الذي ما يزال يكشف كل يوم عن جديد.
٣ ، ٤ ـ (لَعَلَّكَ باخِعٌ نَفْسَكَ أَلاَّ يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ (٣) إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ لَها خاضِعِينَ (٤))
[الشعراء : ٣ ، ٤]