العجماوات لا عقل لها كان تسبيحها عن طريق باطنها الذي هو النفس الكلية صورة الرحمن ، فالنفس الرحمن الذي بطن الوجود كله.
أما كون البشر ذوي نسب وصهر فله لطيفة ، ففي الأصل ما كان ثمت نسب ولا صهر ، كما لم يكن ثمت إخوة وأخوات وأعمام وعمات وأخوال وخالات حرم التزاوج بينهم ، ثم شرع الله الشرائع فأحل الحلال وحرم الحرام ، فالناس أصلا من بحر واحد ، ثم تفرق الماء فكان ينابيع وأنهارا ، ولقد سألت أزواج النبي عن سبب السماح للرجل بالزواج من أربع نسوة ، وما ملكت أيمانهم بينما حرم هذا على المرأة ، فطلب النبي صلىاللهعليهوسلم إلى أزواجه أن يحضرن ماء ، فأحضرت كل واحدة ماء في وعاء ، فأفرغ النبي الأوعية في وعاء كبير واحد ثم قال لأزواجه أن تسترد كل واحدة الماء الذي كان في وعائها فقلن هذا مستحيل ، فقال : (كذلك حال النساء) ، لو تزوجت المرأة بأكثر من رجل ضاع النسل والنسب.
٥٨ ـ (وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لا يَمُوتُ وَسَبِّحْ بِحَمْدِهِ وَكَفى بِهِ بِذُنُوبِ عِبادِهِ خَبِيراً (٥٨))
[الفرقان : ٥٨]
ما دام للحق الاسم الباطن فالنتيجة أنه لا يعزب عنه علم مثقال ذرة تكون في صخرة أو في الأرض أو في السماء ، وما دام الحق ملهم النفس فجورها وتقواها فهو العليم بذنوب النفس حتى من قبل تحقق ذلك.
٥٩ ـ (الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ الرَّحْمنُ فَسْئَلْ بِهِ خَبِيراً (٥٩))
[الفرقان : ٥٩]
سبق أن تحدثنا عن الأيام الإلهية الخارجة عن نطاق الزمان والمكان بل هي أصل الزماكان ، فالزمان والمكان نتيجة لهذه الأيام الإلهية ، ولقد قال أرسطو سيد المنطق والعقل النظري إن العالم المادي قديم ، وإنه لا صلة عليّة أصلية له أي لا خلق للخالق ، كما قال إن الشمس تدور حول الأرض فإذا العلم الحديث يثبت أن العالم المادي له بداية ، وبدايته انفجار سديم ذري أول ، وأن للعالم نهاية وأجلا.
والسموات عالم المعقولات ، والأرض عالم المحسوسات ، والعالمان معا هما العرش الذي استوى الله عليه ، والعرش الكرسي ، والكرسي في اللغة العلم ، فالله استوى على الوجود بالعلم أولا ثم بالقدرة.
٦٠ ـ (وَإِذا قِيلَ لَهُمُ اسْجُدُوا لِلرَّحْمنِ قالُوا وَمَا الرَّحْمنُ أَنَسْجُدُ لِما تَأْمُرُنا وَزادَهُمْ نُفُوراً (٦٠))
[الفرقان : ٦٠]