٢٥ ـ (وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّماءُ بِالْغَمامِ وَنُزِّلَ الْمَلائِكَةُ تَنْزِيلاً (٢٥))
[الفرقان : ٢٥]
كل من يكشف عنه غطاؤه يرى السماء تشقق لينزل منها الملائكة تنزيلا ، وإنه لمنظر يجمع بين الروعة والرهبة والهيبة والعظمة والمكاشف يرى السماء تشقق عن المعقولات التي تتشقق بدورها عن العقل الأول الذي يتشقق بدوره عن الحق مركز الدائرة وأس الوجود ، وفي مشاهدة كهذه ينجو الإنسان من شر الحياة الدنيا ويبدأ في العروج في السموات ، سماء فوق سماء ، حتى يحتل المرتبة التي هي لنبينا روح الوجود محمد صلىاللهعليهوسلم ، وهي مرتبة القربى والمقام المحمود.
٢٦ ، ٢٧ ـ (الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ لِلرَّحْمنِ وَكانَ يَوْماً عَلَى الْكافِرِينَ عَسِيراً (٢٦) وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلى يَدَيْهِ يَقُولُ يا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً (٢٧))
[الفرقان : ٢٦ ، ٢٧]
الملك يومئذ للرحمن يعني تحقق ما جاء في الحديث القدسي أن رحمة الله سبقت غضبه ، أو كما ورد في موضع آخر من القرآن أن رحمته وسعت كل شيء ، فالغضب مؤقت والرحمة عامة وسابقة ، أما كون ذلك اليوم على الكافرين عسيرا فلأن الكافر المحجوب يظل محجوبا ، وحجابه هو العسير ، إذ ما يفيد الإنسان حقا إذا ربح الدنيا كلها وخسر نفسه وربه؟
٢٨ ، ٢٩ ـ (يا وَيْلَتى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاناً خَلِيلاً (٢٨) لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جاءَنِي وَكانَ الشَّيْطانُ لِلْإِنْسانِ خَذُولاً (٢٩))
[الفرقان : ٢٨ ، ٢٩]
فلان إشارة إلى الخاطر ، وقد وصف في الآية بأنه خليل ، والخليل من تخلل ، وليس يحجب الإنسان عن الله إلا خواطره ، فإذا انكشف سرها وعرف الإنسان أمرها ردها إلى أصلها فنجا من النار التي نجا منها إبراهيم وذلك بأن عرف سر النار كما عرفه موسى.
أما خذلان الشيطان للإنسان فلأن الخاطر يرافق الإنسان في سعيه في الحياة الدنيا حتى إذا جاءت ساعة العسرة خذله خاطره ، لأن الخاطر ذو مدى محدود ، ولا طاقة له على أن يكون جامعا وعالما بالغيب ومتنبئا بما سيكون.
٣٠ ـ (وَقالَ الرَّسُولُ يا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هذَا الْقُرْآنَ مَهْجُوراً (٣٠))
[الفرقان : ٣٠]
القرآن الدائرة الأسمائية الجامعة ، ولهذا تبعت الآية ما تحدثت عنه الآيات السابقة. فمن لم ينج من الجزئيات إلى الكليات فلن تكتب له النجاة ، والقرآن هو كتاب الكليات الجامع.
٣١ ـ (وَكَذلِكَ جَعَلْنا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ وَكَفى بِرَبِّكَ هادِياً وَنَصِيراً (٣١))
[الفرقان : ٣١]
لا بد لكل نبي من عدو ، إذ الشيء بنقيضه يعرف ، ولقد تحدثنا في كتابنا فتح الوجود قائلين إن في الاعتبار الإلهي وجود أبي جهل وأبي لهب هو مثل وجود أبي بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم