المطمئنة ، وعندها رزق من العلوم الإلهية التي حيرت زكريا العقل الباحث عن الحقيقة ، فقال أنى لك هذا ، فقالت هو من عند الله ، وحمل مريم من الروح ، ووضعها عيسى ، جاآ بالإنجيل هدى ورحمة للناس مبينا صلاح دينهم ودنياهم.
فالتفجير مصطلح قصد به ما لدى الإنسان من قدرات ذاتية مخزونة لديه ولا يعلم ، فإذا آمن الإنسان بالله وأطاعه هداه إلى تلك الينابيع الذاتية التي إن انفجرت أخرجت من حوضها الكنوز الفكرية والأخلاقية التي لا تقدر بثمن ، ولقد وصف سبحانه حال القادرين على إحداث التفجير الذاتي هذا ، فعلى الإنسان أولا أن يكسر قضبان الأنا ، ويخرج من هذا السجن الذي هو محبس الإنسان ، ولا سبيل إلى تحقيق ذلك إلا باتقاء شح النفس ، وكبح جماح الأهواء والشهوات ، ومديد المساعدة إلى الفقراء والمساكين ، وإخراج زكاة العلوم الإلهية اللدنية وتوزيعها على المحتاجين إلى تلك العلوم من الطلاب السالكين الواقفين بباب الله يرجون رحمته.
١٢ ، ٣١ ـ (وَجَزاهُمْ بِما صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيراً (١٢) مُتَّكِئِينَ فِيها عَلَى الْأَرائِكِ لا يَرَوْنَ فِيها شَمْساً وَلا زَمْهَرِيراً (١٣) وَدانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلالُها وَذُلِّلَتْ قُطُوفُها تَذْلِيلاً (١٤) وَيُطافُ عَلَيْهِمْ بِآنِيَةٍ مِنْ فِضَّةٍ وَأَكْوابٍ كانَتْ قَوارِيرَا (١٥) قَوارِيرَا مِنْ فِضَّةٍ قَدَّرُوها تَقْدِيراً (١٦) وَيُسْقَوْنَ فِيها كَأْساً كانَ مِزاجُها زَنْجَبِيلاً (١٧) عَيْناً فِيها تُسَمَّى سَلْسَبِيلاً (١٨) وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدانٌ مُخَلَّدُونَ إِذا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤاً مَنْثُوراً (١٩) وَإِذا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيماً وَمُلْكاً كَبِيراً (٢٠) عالِيَهُمْ ثِيابُ سُندُسٍ خُضْرٌ وَإِسْتَبْرَقٌ وَحُلُّوا أَساوِرَ مِنْ فِضَّةٍ وَسَقاهُمْ رَبُّهُمْ شَراباً طَهُوراً (٢١) إِنَّ هذا كانَ لَكُمْ جَزاءً وَكانَ سَعْيُكُمْ مَشْكُوراً (٢٢) إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ تَنْزِيلاً (٢٣) فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِماً أَوْ كَفُوراً (٢٤) وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ بُكْرَةً وَأَصِيلاً (٢٥) وَمِنَ اللَّيْلِ فَاسْجُدْ لَهُ وَسَبِّحْهُ لَيْلاً طَوِيلاً (٢٦) إِنَّ هؤُلاءِ يُحِبُّونَ الْعاجِلَةَ وَيَذَرُونَ وَراءَهُمْ يَوْماً ثَقِيلاً (٢٧) نَحْنُ خَلَقْناهُمْ وَشَدَدْنا أَسْرَهُمْ وَإِذا شِئْنا بَدَّلْنا أَمْثالَهُمْ تَبْدِيلاً (٢٨) إِنَّ هذِهِ تَذْكِرَةٌ فَمَنْ شاءَ اتَّخَذَ إِلى رَبِّهِ سَبِيلاً (٢٩) وَما تَشاؤُنَ إِلاَّ أَنْ يَشاءَ اللهُ إِنَّ اللهَ كانَ عَلِيماً حَكِيماً (٣٠) يُدْخِلُ مَنْ يَشاءُ فِي رَحْمَتِهِ وَالظَّالِمِينَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذاباً أَلِيماً (٣١))
[الإنسان : ١٢ ، ٣١]
لا جزاء أعظم من لقاء الله ، وكيف لا يكون كذلك والإنسان يرى نفسه أمام نور الأنوار ، وسر الأسرار ، وصاحب العظمة والبهاء ، الحي القيوم الذي لا تأخذه سنة ولا نوم ، جبار السموات والأرض ، اللطيف البديع الذي أبدع كل شيء من ألطاف قدرته ، الخبير الذي خلق كل شيء بقدر ، السميع الذي يسمع نجوى الثلاثة والأربعة ، العليم الذي أعطى كل شيء من علمه ثم هدى.
لقد سكرت الصوفية المكاشفون الذين رأوا الله جهارا وأنوارا ، كما سكر العشاق العذريون أمثال قيس بن الملوح عند ما انقلبت ليلاه الصورة والشبح ليلى الذات والمعنى ، فإذا هو ليلى ،