الْكِتابَ
مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ فَكاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً
وَآتُوهُمْ مِنْ مالِ اللهِ الَّذِي آتاكُمْ وَلا تُكْرِهُوا فَتَياتِكُمْ عَلَى
الْبِغاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّناً لِتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَياةِ الدُّنْيا
وَمَنْ يُكْرِهْهُنَّ فَإِنَّ اللهَ مِنْ بَعْدِ إِكْراهِهِنَّ غَفُورٌ رَحِيمٌ
(٣٣))
[النور : ٣٢ ،
٣٣]
الاستعفاف عدم
طلب معرفة أسرار الباطن ، فإن الحق جعل لكل صدر سعة ، وقال في هذا : (فَسالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِها) [الرّعد : ١٧] ، والحق أنزل الشريعة للكبير والصغير والعالم والجاهل
والمسلم والمؤمن ، ثم خص طائفة من الناس بفهم كما سئل الإمام علي رضي الله عنه :
هل خصكم رسول الله بشيء؟ فقال : لا والذي برأ النسمة ما خصنا رسول الله بشيء إلا
بفهم يؤتاه العبد في كتاب الله.
فالحق خص كل
صاحب اسم بمقدار من الوعي يبث من الاسم وحيا وإلهاما إلى القلب ، وإذا سأل إنسان
ربه ، وهو رب الاسم ، ان يطلعه على أكثر مما قدر فإنه بذلك يكره الاسم على أمر
شبهه تعالى بالبغاء ، والملاحظ أن كثيرين من المريدين وطلاب الفرق الصوفية
والمذاهب يلحون على طلب الأسرار ومعرفتها وهذا أمر شنيع في حقه تعالى.
فالهرم الوجودي
اقتضى أن يكون في رأس الهرم واحد فقط ثم يليه إثنان ثم ثلاثة إلى بقية الأعداد ،
فالحق قدر الأمور تقديرا سابقا أزليا علويا بحيث لا يطغى الماء ، فيكون سيلا
وطوفانا يفسد بدلا من أن يصلح.
٣٤ ، ٣٥ ـ (وَلَقَدْ أَنْزَلْنا إِلَيْكُمْ آياتٍ
مُبَيِّناتٍ وَمَثَلاً مِنَ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ وَمَوْعِظَةً
لِلْمُتَّقِينَ (٣٤) اللهُ نُورُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ
كَمِشْكاةٍ فِيها مِصْباحٌ الْمِصْباحُ فِي زُجاجَةٍ الزُّجاجَةُ كَأَنَّها
كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لا شَرْقِيَّةٍ
وَلا غَرْبِيَّةٍ يَكادُ زَيْتُها يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نارٌ نُورٌ عَلى
نُورٍ يَهْدِي اللهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشاءُ وَيَضْرِبُ اللهُ الْأَمْثالَ لِلنَّاسِ
وَاللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (٣٥))
[النور : ٣٤ ،
٣٥]
آية النور أعظم
آية في القرآن ، وهي القرآن ، ومن فهمها فهم القرآن والغاية من نزوله ، وعرف نفسه
، وعرف الله ، وأين الله ، وما موقعه هو من الله ، وفي الحديث : (قلب المؤمن من
عرش الله) ، وما دام الإنسان أعظم المخلوقات وأفضلها ففيه السر الأعظم واسم الله
الأعظم ، وقد سأل رجل أبا يزيد البسطامي عن اسم الله الأعظم فالتقط أبو يزيد حصاة
ورماه بها إشارة إلى أن الإنسان ممثل اسم الله الأعظم ، وسبق أن أوردنا تعريف
الإمام الغزالي للنور الإلهي ، ومهما قيل في وصف هذا النور فإن الوصف لا يطاله ،
والبيان لا يحيط به ، لأن اللغة وجدت تعبيرا عن الوجود الحسي ثم عن الوجود العقلي
، أي الأسماء والمسميات ... وما دام الله فوق