سورة الحاقة
بسم الله الرّحمن الرّحيم
١ ، ٥ ـ (الْحَاقَّةُ (١) مَا الْحَاقَّةُ (٢) وَما أَدْراكَ مَا الْحَاقَّةُ (٣) كَذَّبَتْ ثَمُودُ وَعادٌ بِالْقارِعَةِ (٤) فَأَمَّا ثَمُودُ فَأُهْلِكُوا بِالطَّاغِيَةِ (٥))
[الحاقة : ١ ، ٥]
سمى سبحانه القيامة الحاقة من الحق ، وهي الحق ، والحق أحق بأن يتبع ، والعالم كله قائم بالحق ، ومن دون الحق لاحق ولا غير الحق ، فارفع الحق تجد القيامة قائمة ، وتجد العالم هباء منثورا ، وهو مشهد ربوبي تشهده المكاشفون ، ويشهدون أهوال يوم القيامة حيث لا وجود إلا الله ، ولهذا قالت الصوفية بالقيامة الصغرى والقيامة الكبرى ، وحقيقتهما واحدة ، وقلنا القيامة قائمة دائما وأبدا ولكن الناس في غفلة بل هم نائمون.
٦ ـ (وَأَمَّا عادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عاتِيَةٍ (٦))
[الحاقة : ٦]
التفسير الظاهر هلاك عاد بالريح العاتية ، ومعلوم أن الأعاصير تفعل بالناس والطبيعة الأفاعيل ، فهي تجتاح فلا تبقي ولا تذر ، تقتلع الأشجار الضخمة ، وتدمر المنازل ، ويفر الناس منها فرارهم من موت محقق ، وقد جعل لهذه الأعاصير المراصد والمراكز لتخطر السكان بنشأتها وهبوبها ومسارها ، ومعلوم أيضا أن لهذه الأعاصير مواسم ، وأن لها ميقاتا وعمرا ، فإذا طال زمن الإعصار ، وذلك على رب الإعصار هين ، حدث ما حدث لقوم عاد الذين بدوا بعده أعجاز نخل خاوية ، وبطن الآية أن الريح الصرصر هي الريح الشديدة الصوت ، فالصرصر هنا مثل الصلصال الذي خلق منه الإنسان ، وقلنا الصلصال من الصلصلة أي الصوت ، فالعالم كله أصله صوت ، وهو قائم بالصوت ، والصوت جبريلي باطني ذاتي يحكم العالم ، وسميناه في كتابنا الإنسان الكامل المطاع ، وهو حقيقة النبي وجوهره ، والصوت موسيقى ، وفصلنا الكلام في الموسيقى ، وكونها تتألف من الأعداد العشرة المثاليات التي تحدث عنها الفيثاغوريون ، ومن تتبع سر الصلصلة والريح الصرصر علم يقينا ما صوته ، وما صوت نفسه ، وما نفسه ، وانتهى إلى الفناء حيث لا يبقى من الإنسان إلا هويته التي هي في اتحاد مع هوية الحق ، أو في اتحاد مع نفسها ، أو مع نفسه ، والنفس إلهية ، فالأنبياء والأولياء العارفون القيامة وأهوالها ، ولهذا خاطب الحق نبيه قائلا : (إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلاً ثَقِيلاً (٥) إِنَّ ناشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئاً وَأَقْوَمُ قِيلاً إِنَ) [المزمل : ٥ ، ٦].
٧ ، ١٢ ـ (سَخَّرَها عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيالٍ وَثَمانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُوماً فَتَرَى الْقَوْمَ فِيها صَرْعى كَأَنَّهُمْ أَعْجازُ