وَيُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها أَبَداً ذلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (٩) وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآياتِنا أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ خالِدِينَ فِيها وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (١٠) ما أَصابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللهِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللهِ يَهْدِ قَلْبَهُ وَاللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (١١) وَأَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَإِنَّما عَلى رَسُولِنَا الْبَلاغُ الْمُبِينُ (١٢) اللهُ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (١٣))
[التغابن : ٩ ، ١٣]
السكن إلى الصفات الإلهية التي يخلعها الله على عباده الأتقياء والتولي إلى هذا الظل الظليل في جنة العلم الإلهي ، هو الذي يجعل أهل العلم في يوم التغابن الفائزين يغبنون الكافرين بفوزهم بجنات النعيم.
١٤ ، ١٨ ـ (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْواجِكُمْ وَأَوْلادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (١٤) إِنَّما أَمْوالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ وَاللهُ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ (١٥) فَاتَّقُوا اللهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَأَنْفِقُوا خَيْراً لِأَنْفُسِكُمْ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (١٦) إِنْ تُقْرِضُوا اللهَ قَرْضاً حَسَناً يُضاعِفْهُ لَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللهُ شَكُورٌ حَلِيمٌ (١٧) عالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (١٨))
[التغابن : ١٤ ، ١٨]
الآية تذكر بدعاء نوح ربه لما آوى ولده إلى الجبل ليعصمه من الماء (وَنادى نُوحٌ رَبَّهُ فَقالَ رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنْتَ أَحْكَمُ الْحاكِمِينَ (٤٥) قالَ يا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صالِحٍ فَلا تَسْئَلْنِ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ) فالأمر أعمق من صلة الرحم الطبيعية وقال الشاعر :
كم من أخ لك لم يلده أبوكا |
|
وأخ أبوه أبوكا قد يجفوكا |
فالمؤمنون إخوة ، والكافرون إخوة أيضا في الكفر ، ولكن شتان بين إخوة الحق وإخوة الباطل ، فصلة الرحم الحقيقة هي صلة الإيمان ، ولقد أعلن سبحانه أن امرأة نوح وامرأة لوط كانتا تحت عبدين صالحين فخانتاهما ، وفسرت الخيانة بأنها الكفر ، إذن ثمت حقيقة وجودية كشف عنها الحق في كتابه العليم حين أعلن قائلا إنه قد يكون للرجل المؤمن امرأة كافرة ، وقد يكون للأب النبي ولد كافر ، وقد يكون للابن النبي أب كافر كأبي إبراهيم ، فالأمر متداخل في بعضه بعضا ، وليس ثمت إلا الإيمان وحده صلة رحم حقيقية ، فإذا كان الله ابتلى الأنبياء بأزواج وأولاد كفار ، فماذا يكون بقية الناس إذن؟ إن الواقع يؤكد هذه الحقيقة الاجتماعية الموجودة والمعاشة حيث قد يكون الولد عدو أبيه ، والأخ عدو أخيه ، والمرأة عدوة زوجها ، والرجل عدو امرأته كما كان فرعون زوج آسيا ، والله نبه المؤمنين على هذه الحقيقة وحذرهم لئلا يؤتوا من مأمنهم ، وليكونوا عالمين بأن في هذه الدنيا قد اختلط الظلام بالنور ، وعايش