أصحاب الآلاء أصحاب البلاء ، وتداخلت تعينات الأسماء بشقيها الجميل والجليل في بعضها بعضا فكان في المجتمع ، أي مجتمع ، الصالح والطالح ، المؤمن والكافر ، المنافق والصادق ، الأمين والخائن.
إن هذا المنظور الإسلامي إلى المجتمع يؤدي إلى نتيجة فحواها عدم إمكان قيام سلام دائم في الأرض ، والله سبحانه القائل : (وَلَوْ لا دَفْعُ اللهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ) [البقرة : ٢٥١] ، وقال : (وَجَعَلْنا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ) [الفرقان : ٢] ، والعالم الطوباوي الذي تطلعت إليه الفلاسفة ، وعلى رأسهم أفلاطون كما في كتابه الجمهورية ، والفارابي في كتابه آراء أهل المدينة الفاضلة ، وكما رسم توماس مور هذا العالم المثالي ، وكما حاولت النظريات القديمة والمحدثة أن تحقق ضربا من الحياة تخلو من الصراع ، هذا كله أثبت الواقع خطله وبطلانه ، كما أثبت أن ما قاله سبحانه في كتابه هو الذي ينطبق على الواقع ويفسره ، فلا سلام على هذه الأرض ما دامت طبيعة الأسماء تقتضي الصراع. وذهب هيغل مذهبا عريضا حين أيد النظرة الإسلامية ، وقال إن مهمة الفلسفة فهم الواقع لا محاولة تغييره ، وأنه وإن بدّل فالنتيجة العودة إلى ما كان عليه ، وأن لا جديد تحت الشمس ، وإن في الحروب خيرا للمجتمعات ، ويذكرنا هذا بقوله صلىاللهعليهوسلم : (الجنة تحت ظلال السيوف) ، وقوله : (جعل رزقي في ظل رمحي).