سورة الجمعة
بسم الله الرّحمن الرّحيم
١ ، ٢ ـ (يُسَبِّحُ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ (١) هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ (٢))
[الجمعة : ١ ، ٢]
اسم السورة دال على الجمع ، والجمع مجمع ، والجامع اسم مكان العبادة في الإسلام ، له قبة تذكر بالفلك المكوكب الداخل تحته كل عالم الأجرام ، وله مئذنة طويلة يؤذن المؤذن في أعلاها الله أكبر ، الله أكبر ، أشهد أن لا إله إلا الله ، فما تحت القبة داخل في هذا الحصر ، ولهذا كان الله الإله الجامع.
٣ ، ٤ ـ (وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (٣) ذلِكَ فَضْلُ اللهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ وَاللهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (٤))
[الجمعة : ٣ ، ٤]
تحدثنا عن الحكمة من كونه صلىاللهعليهوسلم أميّا لا يقرأ ولا يكتب ، وفي كتبنا السابقة تحدثنا عن اللغة وأصلها ، وأصلها السماع وكانت العرب ، وبخاصة الأعراب ، فصحاء ، تلجأ إليهم علماء اللغة ليسمعوا منهم ، وبأخذوا عنهم ، علما أن معظم هؤلاء الأعراب كانوا أميين ، فلا علاقة بين الأمية واللغة والعلم ، ولو كان ثم علاقة لما جعل سبحانه نبيه المصطفى أميا لا يقرأ ولا يكتب.
والمعلوم أن أبا الأسود الدؤلي هو الذي وضع قواعد اللغة ، وبعد أن استأذن أمير المؤمنين عليا في ذلك ، فلما أذن له ، شرع في وضع هذه القواعد بناء على ما هو موجود من اللغة مشهور شعرا ونثرا وقرآنا وأحاديث ، فقواعد الكتابة والحروف وقواعد اللغة رفعت على أسس من اللغة نفسها التي ليست إلا أصوات مسموعة تنوقلت جيلا بعد جيل ، ولئن تتبعنا هده الأصوات لخضنا بحرا ساحله الزمن الذي كان الإنسان فيه لا يتكلم بل يقلد أصوات الحيوانات والطيور ليعبر عما يريد ، فإذا فحصنا أصوات الحيوانات والطيور وجدناها موسيقى تحدثنا عنها بإسهاب في كتابنا الإنسان الكبير مبينين أن هذه الموسيقى موسيقى كونية جامعة تقوم على أسس من مبادئ عددية عشرة تحدث عنها الفيثاغوريون ، فثمت ارتباط بين الموسيقى وروح الوجود الفاعل ، وثمت نتيجة مترتبة على هذا الارتباط هي أن الروح هو الذي علم الإنسان البيان كما جاء في سورة الرحمن.