فها أنا ذا أموت على فراشي موت البعير ، وخالد قضى عمره مجاهدا في سبيل الله ، يطلب الشهادة ، ومن يطلب الموت توهب له الحياة.
١٦ ، ١٧ ـ (كَمَثَلِ الشَّيْطانِ إِذْ قالَ لِلْإِنْسانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ إِنِّي أَخافُ اللهَ رَبَّ الْعالَمِينَ (١٦) فَكانَ عاقِبَتَهُما أَنَّهُما فِي النَّارِ خالِدَيْنِ فِيها وَذلِكَ جَزاءُ الظَّالِمِينَ (١٧))
[الحشر : ١٦ ، ١٧]
الشيطان الوسوسة ، وإذا كان الإنسان عبد الشيطان صدق بوسوسته ، واتبع هواه وخطواته ، حتى إذا جد الجد ، وكشفت الحرب عن ساق تنصل الشيطان ، وترددت الوسوسة ، فوقع الإنسان في فخ الريب فلم يجد له من بعد ذلك نصيرا ، ومن لا يكن الله له نصيرا فالنار مأواه ، والنار بعد وحجاب.
١٨ ، ١٩ ـ (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ ما قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ (١٨) وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللهَ فَأَنْساهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ (١٩))
[الحشر : ١٨ ، ١٩]
ربط الحق بين نسيان الله ونسيان النفس ، وللربط لطيفة ، ذلك أن من يذكر الله يذكره ظاهرا وباطنا ، والذكر الباطن هو الذي يؤدي إلى إشراق نور البصيرة ، فإذا الله ظاهر في البصيرة ، وإذا الله في النفس حضورا وإلهاما وإذا النفس صورة إلهية ، فعن طريق الإيمان وصل المؤمن إلى معرفة نفسه أولا والله رب النفس ثانيا ، أما من يغفل عن ذكر الله فهو يظل أبدا محجوبا بالأنا ، يظن أناه له ، في حين أن من يعون سر الانشطار والصراع الذاتي يكتشفون أن السر كله في الأنا والانشطار.
٢٠ ، ٢٢ ـ (لا يَسْتَوِي أَصْحابُ النَّارِ وَأَصْحابُ الْجَنَّةِ أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفائِزُونَ (٢٠) لَوْ أَنْزَلْنا هذَا الْقُرْآنَ عَلى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خاشِعاً مُتَصَدِّعاً مِنْ خَشْيَةِ اللهِ وَتِلْكَ الْأَمْثالُ نَضْرِبُها لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ (٢١) هُوَ اللهُ الَّذِي لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ عالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ هُوَ الرَّحْمنُ الرَّحِيمُ (٢٢))
[الحشر : ٢٠ ، ٢٢]
أصحاب النار جاهلون ما دامت النار حجابا عن العلم ، وأصحاب الجنة علماء عارفون ما دامت الجنة كشف الحجاب ، والجبل الإشارة إلى الرأس الذي هو في أعلى البدن ، وفي الرأس الدماغ ، والسر كله في الدماغ ولكم قيل في الدماغ ما قيل ، ومما قيل أن لو لا تلافيفه لكان حجم الرأس مثل وسادة ، وقيل إن طول الحبال العصبية فيه يبلغ ثلاثة أضعاف المسافة بين الأرض والقمر ، وقيل إن الخلايا العصبية تموت ولا تتجدد ، ويموت منها كل يوم أربعون إلى خمسين ألف خلية ، ومع هذا فإن عدد الخلايا يكفي لأن يعيش الإنسان أربعين ألف سنة ،