قُلُوبِنا غِلاًّ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنا إِنَّكَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ (١٠))
[الحشر : ٦ ، ١٠]
للنبي صلىاللهعليهوسلم الحق في توزيع الفيء لأنه ممثل أسمائه تعالى كافة فهو المتصرف في هذه الأسماء جميعا ، والناس تعينات هذه الأسماء والنبي نور من نور يعرف أين يضع الفيء ، وكيف يقسمه ، فحقيقته صلىاللهعليهوسلم النورانية شملت أسماء العليم الحكيم الخبير ، فما يقوله النبي فهو الصواب ، وما يأتي به من شريعة فهو وحي يوحى ، ما أتى به النبي من عنده ، وصاحب الشريعة أدرى بالمصلحة العامة ، ومن ذلك مثلا نظام الإرث الإسلامي الذي يعد نظاما كاملا متكاملا نسيج وحده بين أنظمة الإرث المعروفة قديما وحديثا ، وفصلت الفقهاء القول في نظام الإرث ، واستنبطوا فروعه من أصوله ، واجتهدوا حتى تم بناء صرح الفقه الإسلامي العظيم ، والمسلم مسلم وجهه لله ، وربه أدرى به ، والمؤمن مؤمن بأن ربه العليم الحكيم يحكم ما يريد ، فلا يعترض على ما قدر الله ونظّم ويفوض أمره إليه ويتوكل عليه.
١١ ، ١٥ ـ (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نافَقُوا يَقُولُونَ لِإِخْوانِهِمُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ وَلا نُطِيعُ فِيكُمْ أَحَداً أَبَداً وَإِنْ قُوتِلْتُمْ لَنَنْصُرَنَّكُمْ وَاللهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ (١١) لَئِنْ أُخْرِجُوا لا يَخْرُجُونَ مَعَهُمْ وَلَئِنْ قُوتِلُوا لا يَنْصُرُونَهُمْ وَلَئِنْ نَصَرُوهُمْ لَيُوَلُّنَّ الْأَدْبارَ ثُمَّ لا يُنْصَرُونَ (١٢) لَأَنْتُمْ أَشَدُّ رَهْبَةً فِي صُدُورِهِمْ مِنَ اللهِ ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَفْقَهُونَ (١٣) لا يُقاتِلُونَكُمْ جَمِيعاً إِلاَّ فِي قُرىً مُحَصَّنَةٍ أَوْ مِنْ وَراءِ جُدُرٍ بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعاً وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَعْقِلُونَ (١٤) كَمَثَلِ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ قَرِيباً ذاقُوا وَبالَ أَمْرِهِمْ وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ (١٥))
[الحشر : ١١ ، ١٥]
المنافقون مسلمون ظاهرا ، كافرون باطنا ، والكافر محكوم باسمه ، ومن أسمائه تعالى المذل الخافض الضار المنتقم ، فكان هؤلاء تعينات هذه الأسماء ذات البلاء ، والبلاء يعمهم هم أنفسهم قبل أن يعم من سلطوا هم عليهم هذا البلاء ، ولهذا قال صلىاللهعليهوسلم : (الظلم ظلمات يوم القيامة) ، والمنافق محجوب ، محجوب بالخوف والشك وضعف الإيمان بالله ورسوله ، فإذا جاء ساعة العسرة لجؤوا إلى ما يلجأ إليه اليائس من الناس فاحتموا بالقلاع والأسوار ، والإشارة إلى الأفكار والخواطر التي تتناهب الإنسان في مثل هذه المواقف ، أما المؤمن الحق فهو المؤمن بقضاء الله وقدره ، ومن يؤمن بربه فهؤلاء لا يخافون بخسا ولا رهقا ، ومن أسلم وجهه لله فهؤلاء تحروا رشدا.
وحقيقة الأمر أن القضاء واقع سواء تحصن الإنسان في الحصون وراء الأسوار أم لا ، وسيف الله خالد بن الوليد هو القائل : ما في شبر إلا وفيه ضربة سيف أو طعنة رمح ، ومع هذا