لَعَذَّبَهُمْ فِي الدُّنْيا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذابُ النَّارِ (٣) ذلِكَ بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللهَ وَرَسُولَهُ وَمَنْ يُشَاقِّ اللهَ فَإِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقابِ (٤))
[الحشر : ٢ ، ٤]
الآيات تتمة للآية الأولى ، وفيها إشارة إلى حكم الوجود المطلق للوجود المقيد وفعاليته فيه وسلطانه عليه ، فالحصون بمثابة الأبدان ، والقلوب بطنان الأبدان ، وهم جميعا أساس الوجود المقيد الذي باطنه النفس الكلية وظاهرة الصور العيانية ، وكلاهما في القبضة الإلهية المتصرفة في عالمي القلب والبدن.
٥ ـ (ما قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوها قائِمَةً عَلى أُصُولِها فَبِإِذْنِ اللهِ وَلِيُخْزِيَ الْفاسِقِينَ (٥))
[الحشر : ٥]
اللينة النخلة ، والنخلة خيمة آدم كما جاء في الحديث عنها ، فالنخلة شجرة المعقولات ، وهي كإطلاق سدرة المنتهى في السماء السابعة ، وهي كتقييد بطائن صور العيان وحقائق هذه الصور ، ولهذا أجاء المخاض مريم النفس إلى النخلة عند ما حملت عيسى الكلمة الإلهية القديمة ، وقطع النخلة إشارة إلى تناقض الصفات ، والتناقض الحرب المستمرة بين الكلمات الإلهية والأسماء ، وتركها الوصول إلى حقيقة الصراع التي سميت الأصول ، فالنخلة لا تقطع على الحقيقة ، وإنما تقطع أجزاء من أغصانها للتقوية كما التشذيب المعروف ، فما بلغت النخلة السماء السابعة إلا بقطع الفروع وصولا إلى كشف الأصول ، وربطت الآيات بين هذه العملية الوجودية المستمرة وبين حرب الرسول لليهود ، وللربط نكتة ، ذلك أن اليهود هم أهل الظاهر ، ودينهم الذي أصابه التحريف لا يتحدث إلا عن عالم الظاهر والأرض المقدسة في عالم الظاهر ، وما للظاهر من حقيقة إلا الباطن ، فكانت اليهود حربا على الحقيقة وأعداء لنبي الحقيقة.
٦ ، ١٠ ـ (وَما أَفاءَ اللهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَما أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلا رِكابٍ وَلكِنَّ اللهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلى مَنْ يَشاءُ وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٦) ما أَفاءَ اللهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِياءِ مِنْكُمْ وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقابِ (٧) لِلْفُقَراءِ الْمُهاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَأَمْوالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللهِ وَرِضْواناً وَيَنْصُرُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ أُولئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ (٨) وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُا الدَّارَ وَالْإِيمانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كانَ بِهِمْ خَصاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (٩) وَالَّذِينَ جاؤُ مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنا وَلِإِخْوانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونا بِالْإِيمانِ وَلا تَجْعَلْ فِي