سورة النور
بسم الله الرّحمن الرّحيم
١ ـ (سُورَةٌ أَنْزَلْناها وَفَرَضْناها وَأَنْزَلْنا فِيها آياتٍ بَيِّناتٍ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (١))
[النور : ١]
السورة الكون الجامع للنار والنور ... أما النار فنار العناصر ، وأما النور فهو الأصل والمقوم.
وقوله سبحانه : (وَأَنْزَلْنا فِيها آياتٍ بَيِّناتٍ) يعني أن يتضمن الكون المعقولات ، إذ لو لا المعقولات ما كان للوجود من وجود ، ولما كان لله حاجة في وجوده.
وقوله : (لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) تنبيه الغافلين الذين كانوا صفات خالصة قبل التعين ، وهي حضرة علمية سابقة على التعين بالذات لا بالزمان ، إذ في الحقيقة لا فصل ولا وصل بين الصفات والذات ، والتذكير بحقيقة الإنسان تذكير بالفطرة التي كانها الإنسان لا باعتبار الزمان أيضا ، ولهذا ألحت الأنبياء والأولياء الصوفية على ضرورة معرفة الإنسان لنفسه ، لأن في نفسه هذه الحقيقة العلمية التي منها انفجرت عيون الوجود باطنة وظاهرة.
٢ ، ٥ ـ (الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ واحِدٍ مِنْهُما مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلا تَأْخُذْكُمْ بِهِما رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذابَهُما طائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (٢) الزَّانِي لا يَنْكِحُ إِلاَّ زانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لا يَنْكِحُها إِلاَّ زانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ (٣) وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمانِينَ جَلْدَةً وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهادَةً أَبَداً وَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ (٤) إِلاَّ الَّذِينَ تابُوا مِنْ بَعْدِ ذلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٥))
[النور : ٢ ، ٥]
الإشارات إلى الصراع الأبدي بين أزواج المعقولات وتلاؤم الصفة والموصوف ، فلقد قالت الآية الثالثة إن الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة والعكس بالعكس والمعنى الإشاري أو البعيد أن الإنسان تأتيه نفسه بصفتها فهو منها وهي منه ، فإذا دعا خاطر السوء إلى الزنى زنى الإنسان ، فإذا لم يكن ثم نور هداية ما شعر بالندم فأحل الحرام.
هذا على مستوى الفعل ، أما على مستوى الصفة فلا مجال لخلاص الإنسان من صفته إلا بالتيسير الإلهي.
٦ ، ١٠ ـ (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْواجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَداءُ إِلاَّ أَنْفُسُهُمْ فَشَهادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهاداتٍ بِاللهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ (٦) وَالْخامِسَةُ أَنَّ لَعْنَتَ اللهِ عَلَيْهِ إِنْ كانَ مِنَ الْكاذِبِينَ (٧) وَيَدْرَؤُا عَنْهَا الْعَذابَ أَنْ تَشْهَدَ