أَرْبَعَ شَهاداتٍ بِاللهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكاذِبِينَ (٨) وَالْخامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللهِ عَلَيْها إِنْ كانَ مِنَ الصَّادِقِينَ (٩) وَلَوْ لا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللهَ تَوَّابٌ حَكِيمٌ (١٠))
[النور : ٦ ، ١٠]
في غياب العالم الظاهري لا شهادة للإنسان إلا نفسه لأنها باطنه ، فكل متحرك في هذا الوجود تحرك بباطنه الذي هو نفسه ، فهي الأصل .. ولهذا كانت شهادة النفس في حال غياب العدد ، أربع شهادات ، والعدد حدد رمزا ، أما حقيقته فالخروج من الواحد إلى الكثرة ، والأصل الواحد.
١١ ، ٢٠ ـ (إِنَّ الَّذِينَ جاؤُ بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذابٌ عَظِيمٌ (١١) لَوْ لا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِناتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْراً وَقالُوا هذا إِفْكٌ مُبِينٌ (١٢) لَوْ لا جاؤُ عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَداءِ فَأُولئِكَ عِنْدَ اللهِ هُمُ الْكاذِبُونَ (١٣) وَلَوْ لا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ لَمَسَّكُمْ فِيما أَفَضْتُمْ فِيهِ عَذابٌ عَظِيمٌ (١٤) إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْواهِكُمْ ما لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّناً وَهُوَ عِنْدَ اللهِ عَظِيمٌ (١٥) وَلَوْ لا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُمْ ما يَكُونُ لَنا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهذا سُبْحانَكَ هذا بُهْتانٌ عَظِيمٌ (١٦) يَعِظُكُمُ اللهُ أَنْ تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَداً إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (١٧) وَيُبَيِّنُ اللهُ لَكُمُ الْآياتِ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (١٨) إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَاللهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ (١٩) وَلَوْ لا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللهَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ (٢٠))
[النور : ١١ ، ٢٠]
حديث الإفك حادث معروف ، وفيه أسوأ الكذب على عائشة أم المؤمنين لما تخلفت عن الجيش في غزوة تبوك لتلتمس عقدا لها أضاعته ، وكانت ترافق رسول الله في هذه الغزوة ، فلما رجعت وجدت القافلة سبقتها فجلست تنتظر عودتهم ، فإذا رجل قد أدلج وهو صفوان ، فرآها فعرفها ، فأناخ راحلته فحملها حتى لحق بالجيش.
والمعنى البعيد للحادثة أن عائشة رضي الله عنها رمز المعنى الذي تطلبه الكثرة ، ثم تقذفه بالشبهات إذا وجدته ، وما لهم من دليل على حقيقته سوى الظن والرجم بالغيب ... والإشارة إلى أن ما يحصله الفكر قد يصيب الحقيقة وقد يخطئها ، وقد يصيب بعضها ، كما قال النبي لأبي بكر لما تأول رؤيا رآها : أصبت بعضا وأخطأت بعضا ، فالفكر ليس حجة ، ومنطقه ليس علما موثوقا كما تقول الفلاسفة ، إنما العلم الحقيقي والحجة لما يكشف للنفس ، وتنكشف هي عنه في مجال البصيرة.
وقليلون الذين عرفوا لماذا ألحق النبي صلىاللهعليهوسلم حديث الإفك بسورة النور ، والسبب أن النبي أشار إلى دور النفس وحدها في معرفة الحقيقة ، وأنه لا يجوز لأحد أن يكذب النفس ما