كل كنوز الطبيعة إلى الطبيعة الصماء البكماء اللاعاقلة ، لأنهم لا يجدون
مبدأ آخر يفسرون به وجود هذه الكنوز.
٨٢ ، ٩٦ ـ (وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ
تُكَذِّبُونَ (٨٢) فَلَوْ لا إِذا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ (٨٣) وَأَنْتُمْ
حِينَئِذٍ تَنْظُرُونَ (٨٤) وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ وَلكِنْ لا
تُبْصِرُونَ (٨٥) فَلَوْ لا إِنْ كُنْتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ (٨٦) تَرْجِعُونَها
إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (٨٧) فَأَمَّا إِنْ كانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ (٨٨)
فَرَوْحٌ وَرَيْحانٌ وَجَنَّةُ نَعِيمٍ (٨٩) وَأَمَّا إِنْ كانَ مِنْ أَصْحابِ
الْيَمِينِ (٩٠) فَسَلامٌ لَكَ مِنْ أَصْحابِ الْيَمِينِ (٩١) وَأَمَّا إِنْ كانَ
مِنَ الْمُكَذِّبِينَ الضَّالِّينَ (٩٢) فَنُزُلٌ مِنْ حَمِيمٍ (٩٣) وَتَصْلِيَةُ
جَحِيمٍ (٩٤) إِنَّ هذا لَهُوَ حَقُّ الْيَقِينِ (٩٥) فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ
الْعَظِيمِ (٩٦))
[الواقعة : ٨٢
، ٩٦]
الرزق هنا
المطر ، والعودة إلى إيمان الكافرين بالطبيعة حيث يقولون ، مطرنا بنوء كذا ،
ومعلوم اليوم الدورة العظيمة التي تبدأ بحركة الرياح ، حيث يسخن الهواء عند خط
الاستواء ، فيرتفع عاليا ، فتندفع من ثم من القطبين رياح باردة لتحل محله ، وتكون
النتيجة دورة بل دورتين للرياح ، دورة في نصف الكرة الشمالي ، ودورة في نصف الكرة
الجنوبي ، وتسوق الرياح السحاب المكون فوق المحيطات ... ثم يأتي دور الفصول
الأربعة ، وتكون النتيجة تساقط الثلوج والأمطار بنسب في كافة أرجاء المعمورة ،
ومعلوم أيضا أن السحب أنواع ، فسحب رطبة ممطرة ، وسحب جافة ، وسحب عالية ، وسحب
منخفضة ، كما أمكن حساب معدلات الأمطار المتساقطة في كل منطقة من الأرض ومواعيد
هذا السقوط.
أما عن الأنهار
، فلقد قام اختصاصيون محدثون باكتشاف عالم الأنفاق الجبلية المائية التي تعد مصدر
ينابيع الأنهار فوجدوا العجب العجاب فطول هذه الأنفاق يبلغ أحيانا مئات الكيلو
مترات ، وشكلها وحجمها يشبهان أنفاق المترو الحديثة ، كما وجدوا أن لهذه الأنفاق
أنفاقا فرعية ، وأن الفروع تصب في الأصول ، وأن الأصول تصب في نفق واحد كبير ، وأن
المياه المستودعة في هذه الأنفاق ناشئة عن ذوبان الثلوج على الجبال ، والتي ترشح
حتى تنتهي إلى هذه الكتلة الصخرية الحابسة للماء ، والماء المخزون مخزون بمقدار ،
ويتجدد بمقدار ، ويجري بمقدار ، وهو ماء نظيف معقم عذب صالح للشرب ، وأعلن غواص
متخصص قضى سنين في سبر هذه الأنفاق ، أعلن قائلا إنها سر من الأسرار ، فكيف حفرت ،
وكيف امتدت هذه المسافات ، وكيف صارت شبكة ، بل شبكات متصلة ، وكيف قامت الطبيعة
إن كانت الطبيعة هي الفاعلة بنفسها في نفسها هذا الفعل ، كيف قامت بهذا الفعل ،
وكيف خططته