٣٧ ، ٤٥ ـ (إِنَّ فِي ذلِكَ لَذِكْرى لِمَنْ كانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ (٣٧) وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَما مَسَّنا مِنْ لُغُوبٍ (٣٨) فَاصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ (٣٩) وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَأَدْبارَ السُّجُودِ (٤٠) وَاسْتَمِعْ يَوْمَ يُنادِ الْمُنادِ مِنْ مَكانٍ قَرِيبٍ (٤١) يَوْمَ يَسْمَعُونَ الصَّيْحَةَ بِالْحَقِّ ذلِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِ (٤٢) إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ وَإِلَيْنَا الْمَصِيرُ (٤٣) يَوْمَ تَشَقَّقُ الْأَرْضُ عَنْهُمْ سِراعاً ذلِكَ حَشْرٌ عَلَيْنا يَسِيرٌ (٤٤) نَحْنُ أَعْلَمُ بِما يَقُولُونَ وَما أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخافُ وَعِيدِ (٤٥))
[ق : ٣٧ ، ٤٥]
تذكر الآية بقول الشيطان في موضع آخر : (وَما كانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ ما أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَما أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِما أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ) [إبراهيم : ٢٢]. فدور الشيطان هو إذا محدد ، وهو دعوة أهل الصفة إلى فتق الصفة ، فمن كان من أصحاب الجنة أزلا عمل بعمل أهل الجنة فصار إلى الجنة ومن كان من أصحاب النار عمل بعمل أهل النار فصار إلى النار.
فالشيطان وسيلة لتحقيق الفعل لا غير ، ومتى أتم دوره تنصل وانسحب ، وشعار الإسلام السّلام فوراء هذه المسرحية التي اسمها الجهاد يوجد سلام أبدي ، ولهذا قال سبحانه في الآية الرابعة والثلاثين : (ادْخُلُوها بِسَلامٍ ذلِكَ يَوْمُ) وهذا السّلام قديم هو مركز هذه الدائرة ولهذا لا يصل الإنسان إلى دار السّلام إلا على جسر من التعب ، وبعد أن يرد جهنم أولا كما قال سبحانه من قبل ، فالسلام لمن قضى ما عليه من حق لله فكان جزاؤه الجزاء الأوفى جنة سلام وجنة نعيم ، ولهذا قال صلىاللهعليهوسلم : (لا راحة لمؤمن إلا بلقاء ربه) ، واللقاء داخل في المكاشفة التي تعلم الإنسان علم اليقين فيعلم أين الله ، وكيف يكون فعله ، وكيف يكون لقاؤه.