أثار مالبرانش المسألة من جديد قائلا إن الفعل المباشر بين الذات المفكرة والجسم الممتد غير ممكن ، وإنما يقوم الله ، حين نريد إحداث فعل في الأجسام ، فيحدث بقدرته هذا الأثر مباشرة ، فهو وحده إذن الذي يباشر الفعل.
فالحديث قديم ، وحديث عن قضية تأثير الذات في الموضوع ، أو تأثير الفكر في المادة ، وما من أحد يعلم حتى الآن كيف يريد الإنسان شيئا فيبدأ دماغه بإصدار الإشارات الكهربائية إلى الأعضاء والأجهزة ذات العلاقة لتحقيق الفعل ، وسيظل هذا الأمر سرا من الأسرار المستعصية على الكشف ما لم يسلم الإنسان بأن ثمت رابطة أخرى هي وسيط بين الفكر والامتداد ، وهي رابطة العلية الحقيقة ، وهي الروح.
والروح الذي يحدث الفعل ، ويعد سبب قانون السببية وأساسه قادر على أن يفعل العكس أيضا ، ودليلنا في تاريخ الأديان المسيح عليهالسلام الذي شفى المرضى وأحيا الموتى ، فهاهنا اتخذ المسار الروحي الفعال خطا عكسيا لمساره الطبيعي وأحدث الأثر المسمى في الدين معجزة ، وفي الصوفية كرامة ، واشتهرت الأنبياء بالمعجزات كما اشتهرت الصوفية بالكرامات ، ويورد ابن عربي في الفتوحات وصفا لمجلس كان فيه ، فقال أحد الحاضرين إن النار التي كانت على إبراهيم بردا وسلاما ليست إلا رمزا ، وإن النار تحرق ، فما كان من شيخ المجلس إلا أن نهض وأخذ جمرا من مدفأة وألقاه في حضن أحد الموجودين صائحا (يا نارُ كُونِي بَرْداً وَسَلاماً عَلى إِبْراهِيمَ) [الأنبياء : ٦٩] ، فلم تحرق النار الرجل ، وفي العصر الحديث وقعت حوادث موثقة خارقة ، فالمرأة المدعوة جوازيا غاجيوسكا من سكان مدينة سوزنوويتس البولندية ، وتعمل عاملة هاتف في البنك الزراعي ، يعجز العلم عن تفسير قدراتها الخارقة ، فهي قادرة على جعل الزجاجات والأحذية والكراسي والحلل تسبح في الفضاء ، وتطوي المعادن من أي نوع ، ويقول البروفيسور ليخ رادوانوسكي رئيس جمعية الطاقة الحيوية البولندية الذي يقوم مع مجموعة من العلماء بدراسة مواصفات ظاهرة هذه المرأة : لا ندري ما هو مصدر الطاقة التي تطلقها جوازيا ، فالحقيقة أنها قادرة على نقل الأشياء الخفيفة والثقيلة بمجرد النظر إليها وقراءة أفكار الآخرين ، أما البروفسور أ. فرانيك فهو يقول : هناك ثلاث حالات مشابهة حيرت عقول العلماء ، الأولى جيم هرمان الأميركي ، وعمره اثنا عشر عاما ، وهو يستطيع تحريك الزجاجات الفارغة والمليئة ونقلها من مكانها ، والثانية أوري جيلر السويدي الذي يستطيع طي المعادن ، والثالثة نينا كولا جينا السوفياتية التي تقرأ الأفكار ، وفي روما استطاع الشاب بينديتو أن يشعل الحرائق بالنظر ، وقطع التيار الكهربائي في أحياء كاملة ، وإحراق الجرائد والمجلات والخشب على بعد عشرين مترا بمجرد التحديق إليها وو لقد تنادى العديد من العلماء لدراسة