وتفسير هذه الظاهرة المثيرة والغريبة ، وقد استجاب الشاب لطلب العديد من العلماء في ترك أعمال العنف ، وتمكن بواسطة قدرات عيونه النفاذة من معالجة المرضى من الروماتيزم ، وشفى العديد من المرضى بواسطة التدليك بيديه والتركيز بعينيه.
لقد سبق أن أوردنا قول الروائي زولا إنه لن يؤمن بالمعجزة حتى وإن شاهد منها المئات بعينيه ، والسبب أن زولا ليس مؤمنا ليؤمن بالمعجزة. وكل من يؤمن بقانون السببية وحده غير مؤمن بأن لهذا القانون أصلا هو القانون الحقيقي الفعال على الحقيقة ، وفي القرآن أقوال كثيرة بأن الكافرين لا يؤمنون حتى وإن رأوا المعجزات وآثارها ، فالمستمسك بقانون السببية فقط هو من الكافرين ، أي من المحجوبين عن كيفية فعل الله المباشر في المادة ، والعلماء اليوم ، ومعظمهم من المؤمنين بقانون السببية وحده ، مؤمنون بأن الطبيعة وحدها صاحبة هذا القانون ، ولما كانت الطبيعة لا عاقلة فلقد جعلوا لها إرادة لا عاقلة أيضا تطور ما تحتاج إليه ، ولهذا نراهم يصرحون بأن الحيوان مثلا طوّر لديه كذا وكذا من الأجهزة لتحقيق هدف معين ، وأن النبات طوّر صفاته أيضا لتحقيق الأغراض ، وشوبنهاور من قبلهم هو الذي نهج هذا النهج فجعل الإرادة اللاعاقلة سلطانا على الوجود مهيمنا ليس لسلطته حدود ، ولا مجال لإقناع المؤمنين بالطبيعة وحدها وقدرتها على الاختراع والتأثير ، والتطوير ، لأنه لا مجال لخرق قانون السببية من قبل الإنسان العادي المحكوم بهذا القانون ، ولقد ظل الإنسان الكامل المتعين نبيا أو وليا من الوارثين هو القادر على خرق هذا القانون وإحداث عكسه عند الحاجة تثبيتا للمؤمنين كما فعل السيد المسيح.
لقد أحيا المسيح الموتى بإذن ربه ، فطوى بمعجزته هذه البعد الثاني من الثالوث ، وكشف عن مدى آخر من فعالية الروح الكلي ، وبهذا يكون ثالوث الموضوع قد صفي تماما ، وألحق بالذات الخالصة التي هي جوهر الذات المتعينة والعيانات.
١٥ ، ٢٠ ـ (أَفَعَيِينا بِالْخَلْقِ الْأَوَّلِ بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ (١٥) وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ وَنَعْلَمُ ما تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ (١٦) إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمالِ قَعِيدٌ (١٧) ما يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ (١٨) وَجاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذلِكَ ما كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ (١٩) وَنُفِخَ فِي الصُّورِ ذلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ (٢٠))
[ق : ١٥ ، ٢٠]
نفس الإنسان هي ما تسمى في الفلسفة النفس التجريبية أو الذات التجريبية ، ذلك أن الله اقتطع من ذاته قطعة ، وأرسلها لتتعين في عالم الكثافة فكان من ثم عالم العيان كله ، الذات التجريبية باطنا والظواهر خارجا ، ولما كانت النفس صورة الرحمن كان للرحمن الفعل كما