تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلى ما فَعَلْتُمْ نادِمِينَ (٦))
[الحجرات : ٤ ، ٦]
الحجرات إشارة إلى الحجب المرخاة بين الإنسان والله. والنبي ممثل الله فإذا نادى أحد النبي من وراء الحجرات ، أي من وراء الحجب ، لم يعقل فعله ولا مدى سوء هذا الفعل ، فعلى من يكون في حضرة النبي ، الإنسان الجامع ، أن يعلم من ينادي ، ومكانة من ينادي ، فلا يجعل بينه وبينه حجابا أي صفة ما من الصفات الإنسانية يكلمه من ورائها ، كأن يحسب العين من الناس مكانته هو ، وهو ينادي النبي ، أو يكون زعيما أو صاحب مال ... فهذه كلها حجب بين الناس والأنبياء والأولياء رجال الله.
٧ ، ٨ ـ (وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللهِ لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَمْرِ لَعَنِتُّمْ وَلكِنَّ اللهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيانَ أُولئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ (٧) فَضْلاً مِنَ اللهِ وَنِعْمَةً وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (٨))
[الحجرات : ٧ ، ٨]
الرشد أن يؤتى الإنسان سؤله من الرشد ، وهو تمام العقل والإدراك ولبلوغ هذا المقصد لا بد من ركوب الأخلاق والجهاد ، ولركوب طريق الأخلاق والمجاهدة ، لا بد من التوفيق والتأييد ، وهما وهب لا كسب ، لهذا نجد في الآية أن الله هو الذي حبب إلى المؤمنين الإيمان ، وكره إليهم الكفر ، فلو لا رضى الله السابق لما كان فعل العبد اللاحق والله يجتبي إليه من يشاء.
٩ ، ١٠ ـ (وَإِنْ طائِفَتانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما فَإِنْ بَغَتْ إِحْداهُما عَلَى الْأُخْرى فَقاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلى أَمْرِ اللهِ فَإِنْ فاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (٩) إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (١٠))
[الحجرات : ٩ ، ١٠]
لا عصبية في الإسلام للفرد ولا للعشيرة ولا للقبيلة ولا للطائفة ، فالإسلام فوق هذه الأسوار التي يقيمها البشر بين بعضهم بعضا ، فتفرقوا شيعا وأحزابا ، وشعار الإسلام واضح هو إفشاء السّلام وإحقاق الحق ، والحق أبلج كفلق الصبح ، فلا أب ولا أخ ولا ولد يفرقون بين الله وما أمر به من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وقال صلىاللهعليهوسلم : (انصر أخاك ظالما أو مظلوما) ، فقالوا : كيف ننصره ظالما يا رسول الله؟ قال : (بأن تردوه عن ظلمه).
١١ ـ (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسى أَنْ يَكُونُوا خَيْراً مِنْهُمْ وَلا نِساءٌ مِنْ نِساءٍ عَسى أَنْ يَكُنَّ خَيْراً مِنْهُنَّ وَلا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلا تَنابَزُوا بِالْأَلْقابِ بِئْسَ الاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (١١))
[الحجرات : ١١]
سبق أن تحدثنا عن داء العجب القاتل وفعله في الإنسان ، فالمعجب بنفسه قد مكر به من