سورة الحجرات
بسم الله الرّحمن الرّحيم
١ ، ٢ ـ (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (١) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْواتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمالُكُمْ وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ (٢))
[الحجرات : ١ ، ٢]
متى صار الإنسان ممثل النوع ، كالنبي والولي ، كان على الناس كأفراد الخضوع له أجمعين ، ومن أسباب نزول الآية أن أبا بكر وعمر تجادلا عند النبي في تأمير فلان من الناس أو فلان على الجيش ، فارتفع صوتاهما فوق صوته ، وعلى الرغم من مكانة أبي بكر وعمر فلقد عاتبهما الحق ، لأن النبي أولى بالمكانة ، وأولى بألا يرفع صوت فوق صوته ، والإشارة إلى أن إنسان النوع له العلم القبلي والبعدي ، وهو أخذ عن الحق بواسطة وبلا واسطة ، فهو موصول بالكلي ، بل هو الكلي متعينا ، فله أسماء العليم الحكيم الخبير تخلقا بأسماء ربه الحسنى.
فما حصله إنسان النوع لا يحصله الإنسان الفرد ، وما يعلمه لا يعلمه الإنسان العادي ، وعلى هذا كان على الناس الإنصات للذي اجتباه الله واصطفاه ، فبلغ مقام (وَما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى (٣) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحى (٤) ،) قال القشيري : ما يحدث على يد العبد ، وهو في هذه الحالة من المشاهدة ، وعند هذه الدرجة من التوحيد ، كله مردود إلى الله.
٣ ـ (إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْواتَهُمْ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ أُولئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوى لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ (٣))
[الحجرات : ٣]
من أدرك مكانة النبي غض صوته عنده ، والتجلة والاحترام مطلوبان من الناس للنبي والولي ، سبحانه إذا اصطفى عبدا خلع عليه برد الهيبة والمنعة والجمال والجلال ، فترى الإنسان الواصل شمسا مشرقة بين الناس ، له ما للشمس من سطوع ، وله مالها من هيمنة وسلطان ، كذلك الخليفة الإلهي الحق ممثل ربه ، له مالله من صفات العظمة والجمال ، قال الإمام منصور البطائحي : الكشف سواطع نور لمعت في القلوب بتمكين معرفة حملة السرائر في الغيوب من غيب إلى غيب حتى يشهد الأشياء من حيث يشهدها الحق.
٤ ، ٦ ـ (إِنَّ الَّذِينَ يُنادُونَكَ مِنْ وَراءِ الْحُجُراتِ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ (٤) وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا حَتَّى تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ لَكانَ خَيْراً لَهُمْ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٥) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ