٦٧ ، ٧٠ ـ (مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ سامِراً تَهْجُرُونَ (٦٧) أَفَلَمْ يَدَّبَّرُوا الْقَوْلَ أَمْ جاءَهُمْ ما لَمْ يَأْتِ آباءَهُمُ الْأَوَّلِينَ (٦٨) أَمْ لَمْ يَعْرِفُوا رَسُولَهُمْ فَهُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ (٦٩) أَمْ يَقُولُونَ بِهِ جِنَّةٌ بَلْ جاءَهُمْ بِالْحَقِّ وَأَكْثَرُهُمْ لِلْحَقِّ كارِهُونَ (٧٠))
[المؤمنون : ٦٧ ، ٧٠]
وردت صفة الاستكبار في الحرم والبيت العتيق حيث كان المشركون يهجرون رب البيت الحقيقي ، ويتحدثون هناك سامرين .. والإشارة إلى ما للحرم والبيت من معنى وهو كونهما ظهور الله عزوجل سواء في المكان الذي عبر عنه بالحرم ، أو بالجمع الذي عبر عنه بالبيت ذي الأبعاد الطول والعرض والارتفاع وهو إشارة إلى المكان أيضا.
وكل من حج وطاف بالبيت ولم يكتشف رب البيت لم يتحقق القصد من الحج وهو تعرف الله على جبل عرفة كما قال صلىاللهعليهوسلم : (الحج عرفة) ، فهذه الفريضة لب العبادات وهي مسك الختام لمن أتمها ، قال عارف بالله : حججت أول مرة فرأيت الكعبة ولم أر رب الكعبة ، ثم حججت الثانية فرأيت الكعبة ورب الكعبة ، ثم حججت الثالثة فرأيت رب الكعبة ولم أر الكعبة.
٧١ ـ (وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْواءَهُمْ لَفَسَدَتِ السَّماواتُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ بَلْ أَتَيْناهُمْ بِذِكْرِهِمْ فَهُمْ عَنْ ذِكْرِهِمْ مُعْرِضُونَ (٧١))
[المؤمنون : ٧١]
الأهواء من خواطر النفس الأمارة ، وهي مضللة لأنها لا تبغي إلا قضاء الوطر من الشهوات وتثبت الأنا والتعصب للرأي وللجماعة ، ولو أن الأهواء سادت في الأرض لفسدت الأرض ، ولكن الحق غالب على أمره ، وذلك بتحريك خواطر الهداية.
وأضافت الآية قائلة إن الأهواء تفسد السموات أيضا ، وذلك بتعطيلها حكم الأسماء الباقية ، فلو أن الأنانية استشرت لتعطل حكم أسماء العدل والخير والتضحية والكرم أي الغيرية ، وما دامت السموات محل المعقولات جميعها ، فإن تعطيل حكم بعضها يفسدها.
وقوله : (وَمَنْ فِيهِنَ) له نكتة ، ذلك لأن الإنسان ما دام تعين الاسم ومظهره بحكم معلوليته له ، فإن ظهور فريق من الأسماء على فريق آخر يؤدي إلى ظهور فريق من الناس على فريق ، والنتيجة خراب وفساد.
٧٢ ـ (أَمْ تَسْأَلُهُمْ خَرْجاً فَخَراجُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ (٧٢))
[المؤمنون : ٧٢]
خراج الرب الخير والهدى ، وفي قوله : (فَخَراجُ رَبِّكَ) لطيفة ، ذلك لأن الرب هو المرتبة التي يتدلى إليها الحق ليحدث أثره في المربوب .. وهذه العلاقة بين الرب والمربوب هي الخراج أي الرزق الحلال والمغنم الحقيقي ، لأن الرب من المربي ، وليس من مرب للإنسان هاد إلا الله.