يَضُرُّوا اللهَ شَيْئاً وَسَيُحْبِطُ أَعْمالَهُمْ (٣٢) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلا تُبْطِلُوا أَعْمالَكُمْ (٣٣))
[محمد : ٣٢ ، ٣٣]
الله بالمرصاد ، وحاملو أسماء الجلال ، من أمثال المذل والمنتقم والجبار والضار ، لهم أن يمثلوا دورهم الذي خلقوا له ، فهم له ميسرون ، لكن لله تخطيطا عاما لا يجوز الخروج عليه ، فإذا بلغ السيل الزبى تدخل الله ، فحرك أحجار شطرنج الوجود ، وسلط على حاملي أسماء الجلال حاملي أسماء الجمال أمثال المعز والرافع والمؤمن والمهيمن والنافع ، فشالت كفة الميزان ، فتساوت الكفتان ، وتحقق قوله تعالى : (وَالسَّماءَ رَفَعَها وَوَضَعَ الْمِيزانَ (٧) أَلَّا تَطْغَوْا فِي الْمِيزانِ (٨) وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَلا تُخْسِرُوا الْمِيزانَ (٩) ،) ويفيد القول الإطلاق لا مخاطبة المؤمنين فحسب ، لأن السماء سماء عامة تحوي تحتها الناس جميعا ، فالميزان موضوع ، والعدل مطلوب ، ولا يضير أحد أحدا إلا بإذن الله وما شاء الله كان ، وما لم يشأ ما كان.
٣٤ ـ (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللهِ ثُمَّ ماتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَهُمْ (٣٤))
[محمد : ٣٤]
المغفرة غفران سيئة الظهور ودعوى ملكية الأنية ، والنتيجة بدهية لمن استمسك بأنيته ومنعها الله مالكها ، فكانت النتيجة أنه أخذ من مأمنه ، ومن مأمنه يؤخذ الحذر.
٣٥ ـ (فَلا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ وَاللهُ مَعَكُمْ وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمالَكُمْ (٣٥))
[محمد : ٣٥]
لا صلح مع الكفار ، لأنه عن طريق جهاد الكفار ينجو المؤمن من النار ، فالله جعل القتال سلّما إليه ، ولا سبيل إليه إلا عليه ، وحتى موقف عيسى عليهالسلام فيه عزم وقوة لأن فيه كبح الغضب وكظم الغيظ والتعالي على الشنآن ، والإصرار على أن الإيمان قادر على نقل الجبال ، فالمؤمن إذا صالح الكافر فكأنه استسلم إليه ، وجعل صفة الكفر تعلو عليه ، وللكفار طريق لا يتنكبونه ، ولا يبغون به بدلا ، ولا عنه حولا ، وقد وصفه الله بأنه لا أخلاقي ، وكذلك قالت الفلاسفة قدامى ومحدثون ، وأثبتت الوقائع التاريخية أن الإيمان والكفر لا يلتقيان ، وأن الكفر والأخلاق عدوان ، وأن الكافر محكوم بأسماء البلاء ، مأخوذ بناصيته إلى النار.
٣٦ ـ (إِنَّمَا الْحَياةُ الدُّنْيا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا يُؤْتِكُمْ أُجُورَكُمْ وَلا يَسْئَلْكُمْ أَمْوالَكُمْ (٣٦))
[محمد : ٣٦]
قال أفلاطون إن الناس في الكهف نيام ، وقال صلىاللهعليهوسلم : (الناس نيام فإذا ماتوا انتبهوا) ، وألحت الصوفية على القول إن الناس موتى ، وأهل العلم أحياء كما قال الإمام علي ، فالحياة