٢٤ ، ٢٨ ـ (أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلى قُلُوبٍ أَقْفالُها (٢٤) إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلى أَدْبارِهِمْ مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى الشَّيْطانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلى لَهُمْ (٢٥) ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا ما نَزَّلَ اللهُ سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الْأَمْرِ وَاللهُ يَعْلَمُ إِسْرارَهُمْ (٢٦) فَكَيْفَ إِذا تَوَفَّتْهُمُ الْمَلائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبارَهُمْ (٢٧) ذلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا ما أَسْخَطَ اللهَ وَكَرِهُوا رِضْوانَهُ فَأَحْبَطَ أَعْمالَهُمْ (٢٨))
[محمد : ٢٤ ، ٢٨]
ثمت صلة بين تدبر القرآن والقلب ، فمن يطلب الله بالعقل يضلل ، هكذا أعلن الإمام أرسلان الدمشقي ، فالله لا يعرف بالعقل بل بالقلب والوجدان ، ولهذا جاء في موضع آخر قوله سبحانه : (كَلَّا بَلْ رانَ عَلى قُلُوبِهِمْ ما كانُوا يَكْسِبُونَ (١٤)) [المطفّفين : ١٤] ، ردا على المكذبين بيوم الدين ، فربط ما بين سبب عدم تقبل ما جاء في القرآن وبين ما ران على القلب ، فلا طريق إلى معرفة الله إلا الأخلاق هكذا صرح الإمام الغزالي قديما ، والفيلسوف كانط حديثا ، فالله محجوب عن الإنسان ما دام الإنسان محجوبا بدوره عن نفسه ، أو أن نفسه محجوبة عنه لا يعرف حقيقتها وهويتها وإلهامها.
٢٩ ـ (أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَنْ لَنْ يُخْرِجَ اللهُ أَضْغانَهُمْ (٢٩))
[محمد : ٢٩]
يتكلم اللسان من فضلة القلب ، فترجمان القلب اللسان ، فما في القلب يخرجه اللسان ، ويأبى إلا أن يخرجه ، وإن حرص صاحبه على الكتمان فتظهر حقيقته في فلتات اللسان.
٣٠ ، ٣١ ـ (وَلَوْ نَشاءُ لَأَرَيْناكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيماهُمْ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ وَاللهُ يَعْلَمُ أَعْمالَكُمْ (٣٠) وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَا أَخْبارَكُمْ (٣١))
[محمد : ٣٠ ، ٣١]
الله خلق الإنسان ، وجعل من قلبه أرضا بذر فيها بذور أسمائه ، ولو لم يبلو الله الناس لظلت أسماؤه في طي الكتمان ، فلم تنفلق البذرة ، ثم تكون شتلة فساقا فشجرة تحمل الثمار ، لقد أصر هيغل على القول إن الفكرة التي لا يعبر عنها بوسيلة ما لا قيمة لها ولا لصاحبها ، والعلم المطلق علم مجمل لم يفصل ، فلم يخرج ما فيه من ذخائر ، وما تطورت العلوم وبلغت ما بلغته اليوم إلا باستمرار الدراسة والملاحظة والتفكير والاستنتاج ، فليتصور الإنسان أرضا ليس فيها الإنسان ، وليس فيها إلا الحيوان ، والحيوان منقاد بالغريزة ، وقد علم مدخله وسبيله ومخرجه .. ثم سأل سائل الله عمن يكون ، وما أسماؤه .. أو كان الله يقول أسمائي كذا وكذا ، وصفاتها كذا وكذا ، وأفعالي كيت وكيت ، لو أنه لم يخلق الإنسان ، ويجعل هذه الأسماء لديه أمانة ، ثم يفتقها به وفيه وعن طريقه؟
٣٢ ، ٣٣ ـ (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللهِ وَشَاقُّوا الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدى لَنْ