١٠ ، ١٢ ـ (قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كانَ مِنْ عِنْدِ اللهِ وَكَفَرْتُمْ بِهِ وَشَهِدَ شاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ عَلى مِثْلِهِ فَآمَنَ وَاسْتَكْبَرْتُمْ إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (١٠) وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا لَوْ كانَ خَيْراً ما سَبَقُونا إِلَيْهِ وَإِذْ لَمْ يَهْتَدُوا بِهِ فَسَيَقُولُونَ هذا إِفْكٌ قَدِيمٌ (١١) وَمِنْ قَبْلِهِ كِتابُ مُوسى إِماماً وَرَحْمَةً وَهذا كِتابٌ مُصَدِّقٌ لِساناً عَرَبِيًّا لِيُنْذِرَ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَبُشْرى لِلْمُحْسِنِينَ (١٢))
[الأحقاف : ١٠ ، ١٢]
كل من كان من ممثلي أسماء الجمال فهو مسلم جوهرا وحقيقة لأنه منقاد بإلهام اسمه وبوحي الله إلى تحقيق القصد ، وهذا هو معنى الإسلام ، ولقد كان يحدث أن يأتي النبي يهودي أو نصراني فيسأله أسئلة فيجيب عنها ، فيقر اليهودي أو النصراني ، ثم يسلم ويشهد أن لا إله إلا الله ، ويقول جاء في كتبنا مصداق ما قلت ، وهذا يؤكد أن مصدر الكتب المنزلة واحد ، والموحي واحد ، وأن اليهودي الحق والنصراني الحق لا يستنكفان عن إقرار هذا الدين الجديد المنزل والإيمان بهذا النبي الأمي صلىاللهعليهوسلم الذي لم يكن يقول إلا ما يوحى إليه ، وعبد الله بن سلام هو من بني إسرائيل ، وقد أقر نبوة النبي والإسلام وصدق بهما ، وما تزال أخبار هؤلاء اليهود والنصارى الأصليون تترى وهم يؤيدون دين التوحيد الجامع للأديان.
وقوله : (وَبُشْرى لِلْمُحْسِنِينَ) إشارة إلى مقام الإحسان الذي يلي مقام الإيمان ، وفيه تتحقق البشرى للمحسنين بأن يتجلى الله لهم فيرونه من وراء حجاب الصور ، ويرونه رب الصور ، ويرونه قبل كل شيء ومعه وقدامه ، والبشرى إيذان برفع الحجاب بين الحق والعبد ، والحجب كثيرة كما ورد في الحديث ، وسيدها والمسؤول عنها جبريل ذو الأجنحة اللامعدودة ، كما سمى السهروردي كتابه أجنحة جبريل ، والبشرى للأولياء بخاصة كما قال سبحانه : (أَلا إِنَّ أَوْلِياءَ اللهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ (٦٢) الَّذِينَ آمَنُوا وَكانُوا يَتَّقُونَ (٦٣) لَهُمُ الْبُشْرى فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الْآخِرَةِ ،) وقلنا إن النبي فسر البشرى في الحياة الدنيا بالرؤيا الصالحة ، فرفع الحجب منوط إذن بتحقيق البشرى التي تتحقق بمشاهدة الرؤيا الصالحة التي هي جزء من النبوة ومدخل إلى العلم الإلهي.
١٣ ، ١٤ ـ (إِنَّ الَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا اللهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ (١٣) أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَنَّةِ خالِدِينَ فِيها جَزاءً بِما كانُوا يَعْمَلُونَ (١٤))
[الأحقاف : ١٣ ، ١٤]
خلود أصحاب الجنة نتيجة انكشاف الحجب نفسها ، فما دام الحجاب ، مسدلا بين الحق والإنسان فالإنسان في النار لأنه لا نعيم إلا برؤية الله عيانا كما ورد في الحديث ، فمن رفعت عن قلبه الحجب فلقد دخل الجنة حتى وإن كان في الدنيا ، وعلى هذا الأساس بشر النبي