عشرة من أصحابه بالجنة ، وقال مرة في رجل كاد أن يدخل المسجد والنبي والصحابة فيه إنه من أصحاب الجنة ، فالجنة تحقيقا انكشاف الجوهر وظهور النور القديم الذي كان ولا شيء معه ، وهو الآن كما كان.
١٥ ، ١٦ ـ (وَوَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ إِحْساناً حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهاً وَوَضَعَتْهُ كُرْهاً وَحَمْلُهُ وَفِصالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً حَتَّى إِذا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلى والِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صالِحاً تَرْضاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ (١٥) أُولئِكَ الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ ما عَمِلُوا وَنَتَجاوَزُ عَنْ سَيِّئاتِهِمْ فِي أَصْحابِ الْجَنَّةِ وَعْدَ الصِّدْقِ الَّذِي كانُوا يُوعَدُونَ (١٦))
[الأحقاف : ١٥ ، ١٦]
الأم والأب الوالدان الظاهران ، وهما من تعينات اسمه سبحانه الظاهر ، والروح والنفس الوالدان الباطنان ، وهما من تعينات اسمه سبحانه الباطن ، والحق وصى الإنسان بوالديه الظاهرين والباطنين إحسانا ، وحمل الأم لولدها ووضعه ورعايتها له أمر مشاهد معروف ، أما الوجه الباطن فهو فعل الروح الكلي في النفس الكلية حتى تحمل وتضع النفس الجزئية ثم تبدأ بتربية هذه النفس.
والملاحظ أن الآية خصت الأم بالحديث عن دورها في الإنجاب من حمل ووضع وتربية وللأمر لطيفة ، وذلك أن النفس صورة الرحمن ، وهي تعين الروح الشفاف المحتاج إلى شاشة وجودية يطبع عليها صوره ، فالأم الشاشة. وما دام الإنسان لا يرى في الوجود إلا شاشة ملآى بالصور كانت الأم نتيجة لهذا المسؤولة عن عرض هذه الصور على ولدها لتعليمه ، ويتم التعليم بطبع الصور في النفس الجزئية ، والملاحظ أن الأطفال شديد والتعلق بالمحسوسات والملذوذات والألوان والصور حتى إذا شبوا عن الطوق بدأت عملية تجريد الصور نفسها ، وذلك بفصل المعنى من المبنى ، فإذا الإنسان قد تعلم معاني الخير والجمال والحق والأرقام الحسابية والأشكال الهندسية كالمربع المطلق والمستطيل المطلق والمثلث المطلق ، والإنسان وحده من دون المخلوقات المؤهل أزلا لولوج فلك المعاني المجردة هذه ، وأمه النفس الكلية هي التي تعلمه هذا عن طريق التضاد والصراع والتمييز بين الأبيض والأسود ، أما الروح فهو الملهم من وراء العملية كما قال سبحانه : (وَنَفْسٍ وَما سَوَّاها (٧) فَأَلْهَمَها فُجُورَها وَتَقْواها (٨) ،) ومتى بلغ الإنسان أشده ، وبلغ أربعين سنة ، بلغ العقل الكمال ، فإذا كان صاحبه من أهل السعادة أرسل الله إليه ريح الهداية فهدته الصراط المستقيم ، صراط العزيز الحميد الذي هو صراط لا إله إلا هو فيعلم الإنسان من ثم من أين جاء ، وإلى أين يصير ، وما الحكمة من